رأى رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر أن "لبنان الذي كان وطنًا واحدًا لشعب واحد يتميّز عن باقي شعوب المنطقة بعيشه المشترك على الرغم من تنوّعه الديني والثقافي، والذي كان رسالة وشهادة لعظمة الإنسان والدين وملتقى الثقافات، يتحوّل اليوم إلى أوطان بقياس الطائفة والحزب، وحتى أكاد أقول بقياس الحيّ"، لافتًا الى ان "شعبه صار شعوبًا تستقوي على بعضها البعض وتتمسّك بالتطرّف الديني والسياسي وتنعزل في بقع لا جسور بينها تحت سلطة حكّام لا يعنيهم سوى زيادةِ ثرواتهم ونفوذهم وتسلّطهم".
وقال في عظة ألقاها خلال صلاة ترأسها في كنيسة سيدة الزروع في الجامعة الأنطونية في افتتاح تساعية الميلاد إن "حكّامنا في لبنان يشدّون العصب ويحرّضون على الآخر في العلن ويتشاركون وإيّاه في الخفاء، الصفقات والأرباح. ويعزِّزون الانقسامات أحيانًا ويسعون خلف الهيمنة أحيانًا أخرى".
وأضاف: "ليفهم الجميع أنَّ كلَّ بيت ينقسم على ذاته يخرب. وأنّ شعب لبنان يحتاج إلى السلام قبل كل شيء، إلى سلامٍ أساسه الوحدة والمشاركة في الحكم وفي المسؤوليّة. من هنا ضرورة انتخاب رئيس للجمهوريَّة حتى لا تعمل الدولة من دون رأسها ومن دون مكوّن أساسي فيها. وليتذكّر الجميع أنَّه إذا انهار الهيكل بسبب تصدّعه فعلى رؤوس الجميع سينهار ولن يكون من ناج".
وفي ختام التساعية التي خدمتها جوقة الجامعة الأنطونية برئاسة المايسترو الأب توفيق معتوق، كانت كلمة لرئيس الجامعة الاب ميشال السغبيني صلّى فيها على نيّة لبنان، قائلًا: "إنها المرّة الثانية على التوالي والوطن يعيّد يتيمًا بلا رئيس، فلا نَتردَّدَنّ في انتخاب رئيس لأجل الصالح العامّ، ولأجل ميلاد جديد للبنان. نصلّي راجين ألّا يدخلنا القيّمون على الوطن بدوّامة الانتظار، ويحرمونا، نحن جيران القصر والرئيس، من شرف حضوره في هذه المناسبة المجيدة".
وتابع الأب السغبيني: "نصلّي الليلة أيضا على نيّة الصحافيّين، "جنود الحقيقة"، نذكر بنوعٍ خاص أُولئك الذين لم يوفّروا أرواحهم لنقل الحقيقة خالصة إلينا، رحم الله من استشهدوا فداءها وحمى الباقين بعنايته وظَلَّلهم بقوّته". وكذلك رفع في كلمته الصلاة على نيّة فلسطين عامّة وغزّة خاصّة قائلًا: "الطفل في المغارة وأمّه مريم، وجهان يبكيان، نصلّي اليوم لا لأجل أطفال بلا مدارس، بل لأجل مدارس وأعياد بلا أطفال، لقد ذهب الأطفال إلى اللاعودة، ماتوا لأنّه كان قد سبقهم موت ضمائر كثيرة".
ورفع رئيس الجامعة الصلوات الى الرب ليقشع غيمة الضمائر المائتة من مجتمعاتنا، ويهبنا رجالا ونساء يستنيرون بالحقّ الذي "يحرّر".
ولفت الى اننا لا نصلّي فقط كي تتوقّف الحرب أو ينتهي النزاع وحسب، بل صلّينا هنا الليلة ونصلّي دائما كي يعطي إلهُ السلام لكلّ مولود جديد، أن يشيخ حُرّا في طنه، وإن كان وطنه يدعى فلسطين أو لبنان أو أيّ بلد يعاني النزاع والحرب.