ككل عام، يقف مزارعو التفاح في لبنان على أطلال الأزمات التي تطلُّ برأسها، واقعين بين أزمتين، تصريف الإنتاج إلى الخارج، أو الخسارة مع الأسواق الداخلية، التي يتحكم بها التجار الكبار، الذين يمسكون أسواق التصريف مناطقيًا.
فهموم الزرع تبدأ أوائل الربيع، لتُستكمل بعملية التصريف بدءًا من منتصف تشرين، حتى أواخر كانون ، ويعيش المزارع على أعصابه، خاصةً في مناطق الشمال، وجبل لبنان، حيث توجد أفخر وأجود أنواع التفاح.. كيف لا، وقد كانت شاحنات التفاح شبه محجوزة للدول الخارجية، على عكس ما يحصل اليوم.
موسم متكدّس
في إحدى قرى جبل لبنان، يحاول العم أبو سمير أن يفاوض على 2500 قفص من التفاح، أي ما يقارب الستة أطنان ونصف الطن، لكي يتم تصريفها، إلا أن الأزمة هي هي، السوق جامدٌ عند أسعار لا تكفي المزارع الذي تكبّد آلاف الدولارات لاسترداد نفقاته، خاصةً وأنّ المشتري، أي التاجر، لا يراعي وحدة سعر صرف الدولار، فعلى سبيل المثال هو مستعد لأن يفاوض على شراء التفاح على سعر 45000 ألف ليرة، لكنّه لا يرضى بأن يتم البيع بأقل من ما هو سعر الصرف، ناسفًا وحدة المعايير. وهذا ما يجعل من الإنتاج متكدسًا في البرادات التي تتراوح أسعارها بين 3 إلى 5 دولارات للصندوق، حسب الفترة التي ستمكث بها الصناديق.
من هنا، يمتعض العدد الأكبر من مزارعي التفاح، الذين يؤكدون لـ"لبنان24" على أن عملية احتكار التصدير من قبل جماعات معينة تضع موسم التفاح على المحك، خاصةً وأن ما يفوق 80% من هؤلاء لا مصدر رزق آخر لهم.
التصدير صعب
ومن كارتيلات الداخل، إلى أزمة التصدير، التي انفجرت بوجه المزارعين، خاصة أمام الكارتيلات المتحكمة، التي أيضًا الأخرى لم تستطع أن تجد منفذًا سهلا للتصدير في ظل الأوضاع التي يعيشها الشرق الأوسط.
وحسب المصادر، فإن الأسواق الوحيدة التي من شأنها أن تسحب كميات كبيرة الان تتلخص بسوريا والأردن، علمًا أن التفاح الذي يتم بيعه إلى هناك يُباع بسعر شبه رمزي، تحججًا بأن هذه السوق ليست قوية، أو قادرة على الدفع كالأسواق الأخرى.
من جهة أخرى، وبعد أن قرّرت مصر منع استيراد أنواعٍ عديدة من المنتجات، ومن ضمنها التفاح، حتى شهر تشرين الأول الفائت، كان المزارع قد تلقى صفعة أخرى، من خلال خسارة سوقٍ آخر، من شأنه أن يسحب كميات كبيرة جدًا من الإنتاج اللبناني، إذ أن السوق المصري كان قد بستورد 60% من التفاح اللبناني، تماما كالعراق وليبيا، الجهتان اللتان كانتا تعتبران من أهم الجهات التي تستقطب إنتاج التفاح، إلا أن سوء أوضاع الأسواق، وانخفاض الطلب بشكل كبير شكّل عائقًا أمام عملية التصريف، علمًا أن التجارة الداخلية في هذه البلدان آخذة بالإنحدار، على الرغم من تأكيد مصادر وزارة الزراعة لـ"لبنان 24" على أن العمل قد تم على فتح الأسواق، لا وبل توسيعها لتشمل أميركا، وبعضا من الدول العربية والأوروبية، التي تهتم بالتفاح اللبناني العالي الجودة.