شهدت مصلحة تسجيل السيارات في الدكوانة الأسبوع الماضي زحمة خانقة ما تسبب بحصول إشكالات بين المواطنين الذين تهافتوا لانجاز معاملاتهم وذلك بعد أشهر من توقف العمل والإغلاق التام.
وكانت هيئة إدارة السير والآليات والمركبات أعلنت في شهر تشرين الثاني الماضي أنها ستستقبل المواطنين أيام الثلاثاء، الأربعاء، والخميس، ومن ثم أعلنت في بداية كانون الثاني انه بإمكان الراغبين في إتمام معاملاتهم في الدكوانة، والذين تعذر عليهم أخذ موعد مسبق على المنصة الإلكترونية الحضور شخصيا إلى المصلحة يوم 4 من الشهر الجاري، من دون وكالات ومن دون الحاجة إلى موعد.
هذا المِرفق الذي يدخل مليارات الليرات يوميا إلى خزينة الدولة والذي يُعتبر مرفقا أساسياً نظراً لأهميته، عاد شيئا فشيئاً إلى العمل، ولكن هذا الأمر غير كافٍ، فالسيارات التي تسير على الطرقات من دون لوحات إلى تزايد إضافة إلى تعذر تجديد دفاتر السوق أو إصدار دفاتر سوق جديدة. والأخطر من كل ذلك ثمة سيارات بأوراق مزورة تجوب الطرقات من دون حسيب أو رقيب، كل هذه الأمور مجتمعة أدت إلى زيادة حوادث السير بشكل واضح ما دفع بالعديد من الجهات السياسية والمدنية إلى المُطالبة بإعادة فتح أبواب النافعة كافة أيام الأسبوع وإيجاد حل للتوقيفات بحق عدد من الموظفين بتهم تقاضي رشاوى.
مُشكلة إقفال مصلحة تسجيل السيارات طالت أيضا قطاع بيع السيارات واستيرادها الذي تأثر بشكل كبير بما يحدث، ناهيك عن المُعاناة التي لحقت به كمختلف القطاعات جراء الأزمة الاقتصادية والمالية التي عصفت بلبنان منذ تشرين الأول 2019.
وفي هذا الإطار، اعتبر رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة ايلي قزي في حديث لـ "
لبنان 24" ان "إقفال النافعة لفترة طويلة أدى الى تراكم كبير في المعاملات إضافة الى حرمان خزينة الدولة من مليارات الليرات هي بأمس الحاجة إليها"، مشيراً إلى ان "الزحمة الخانقة التي شهدتها النافعة في الدكوانة الخميس الماضي أمر طبيعي نتيجة الإقفال، وهذا أمر حذرنا منه سابقا، ونعتبر ان إقفال النافعة هو ممنهج لإفلاس قطاعات الدولة"، على حد تعبيره.
وطالب قزي بفتح مصلحة تسجيل السيارات من الإثنين الى الجمعة، أي 5 أيام في الأسبوع وإعادة الموظفين الموقوفين الى مراكز عملهم واستكمال التحقيقات معهم توازيا لحين إثبات إرتكابهم مخالفات وبالتالي من تثبت عليه التهمة فليُحاكم، معتبرا ان "الموظفين الذين يديرون حاليا المصلحة غير مؤهلين".
ولفت إلى ان "الخطأ يكمن في الاستنسابية في التعاطي مع هذا الملف من خلال فتح تحقيق في مصلحة تسجيل السيارات، علما ان الرشاوى موجودة في كافة الدوائر"، مشيرا إلى ان "المشكلة تكمن بوجود خلافات ما بين وزارة الداخلية وهيئة إدارة السير والشركة المُشغلة ".
وحذر قزي من ان "استمرار هذا الوضع سيزيد من عدد السيارات التي تسير من دون لوحات، إضافة إلى السيارات المزورة"، مُطالبا بإلغاء المنصة لمستوردي السيارات وأصحاب المعارض بُغية تسهيل عملهم.
سوق بيع السيارات
وعن وضع سوق بيع السيارات في لبنان، أكد قزي ان "قرار رفع الرسوم الجمركية على السيارات المستوردة ضرب معارض السيارات إضافة إلى قرار إقفال مراكز النافعة وبعدها أتت حرب غزة وتصاعد التوتر في جنوب لبنان ما شكّل ضربة قاضية للقطاع".
وقال: "اللبنانيون يعيشون في حالة خوف وترقب ولا يفكرون في مثل هذا الوضع بالمخاطرة بشراء سيارة جديدة".
ولفت إلى ان "احتساب الدولار الجمركي وفق سعر 89500 ليرة على استيراد السيارات المُستعملة أثّر بشكل كبير على القطاع"، وطالب بإلغاء رسم الاستهلاك وإلا فمصير هذا القطاع إلى زوال، علما انه يُشغل قطاعات عدة كقطع الغيار ومحلات الصيانة والإطارات التي ستتأثر بشكل كبير بما يجري"، كما قال.
وأضاف: "نحن ندفع رسم استهلاك يُقدر بنحو 65 % من قيمة السيارة ونلفت إلى وجود فارق كبير بيننا وبين القطاعات الأخرى في ما يتعلق بقيمة الرسوم والضرائب المتوجبة".
وتابع: "القطاع تراجع بنسبة 90% وأقفل نحو 500 إلى 600 معرض سيارات منذ فترة قصيرة ما يؤثر على القطاع وعلى خزينة الدولة".
وشدد على ان "المطلوب انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت وتشكيل حكومة جديدة وانتخاب مجلس نواب فاعل وتنظيم المؤسسات لوضع البلد على السكة الصحيحة وإعادة النهوض به من جديد".
وهنا لا بد من الإشارة إلى انه في عام 2023 ووفقاً لاحصاء شركة بيع سيارات في لبنان سجل قطاع السيارات تحسناً بنسبة 5.23% على صعيد سنوي، وبلغ عدد السيارات المُباعة حتى نهاية شهر أيار 2023، 2594 سيارة مُقارنة بـ 2465 في الفترة نفسها من العام 2022.
ووصل قطاع استيراد السيارات المُستعملة الى ذروته عام 2009، حيث تم استيراد أكثر من 76 ألف سيارة، في حين تمّ في العام 2019 استيراد 24 ألف سيارة، مقابل نحو 44 ألفاً في العام 2018.
ويُشكل قطاع السيارات المُستعملة موردا مهما لخزينة الدولة حيث يؤمن نحو 600 مليون دولار سنوياً كما هو مورد رزق لآلاف العائلات، ويُعتبر الرافد الثاني للعائدات من المرفأ بعد قطاع النفط.