على وقع التهديدات بالتصعيد والتصعيد المضاد بدأت مؤشرات عديدة تظهر من الميدان توحي بأن الأطراف المتقاتلة تريد ردع بعضها لتجنب المحتوم، إذ يبدو أن الخيارات باتت ضيقة امام الجميع ولا مجال سوى الذهاب إلى مستوى مختلف من الإشتباك اذا استمرت الحرب، وهذا يحاول الجميع الابتعاد عنه من خلال اظهار حجم القوة لديهم للدفع نحو التسوية في اطار السباق بينها وبين الحرب الشاملة.
في الاسبوع الاخير بدأت اسرائيل نوعا من الاستعراض لقوتها في جنوب لبنان، وبحسب المطلعين فإن عمليات القصف والغارات المتتالية التي تستخدم فيها قدرات صاروخية تدميرية كبيرة، لا تستهدف أي نقاط أو أهداف عسكرية او حتى مدنية، وجزء كبير مما يحصل هو مجرد حراك عسكري استعراضي يهدف أولاً الى تهجير اكبر عدد ممكن من المدنيين من جنوب لبنان وثانياً الى ردع "حزب الله".
إضافة الى هذا الاستعراض الميداني، أعلن أمس وصول عدد كبير من الطائرات العسكرية الحربية والمروحية الى اسرائيل مقدمة من الولايات المتحدة الاميركية، ما يعطي انطباعاً أن التصعيد لم يعد بعيداً، أقله تجاه جبهة لبنان التي تستطيع اسرائيل القتال فيها وقد تعرض جيشها لهذه الخسائر الكبرى في غزة، وعليه كان يجب اظهار عملية الترميم او استقدام أدوات عسكرية متطورة للغاية في محاولة لردع خصومها.
في المقابل نشر "حزب الله" فيديو عبر الإعلام الحربي التابع له يظهر صاروخا مضادا للمدرعات يحمل كاميرا، وأهمية هذا الصاروخ انه يتجنب العوائق الجغرافية ويستطيع استهداف القوات العسكرية المتحصنة خلف الجدار العازل او في الوديان او داخل الدشم والخنادق، الامر الذي قد يعتبر رسالة لاسرائيل بأن الحزب لديه قدرات لم يكشف عنها بعد وستكون جاهزة في حال حصول تصعيد.
وتتوقع مصادر مطلعة أن تستمر الرسائل الميدانية والاعلامية من قبل "حزب الله" في الايام المقبلة، وهذا سيعني أن الكباش سيستمر، خصوصا أن التصعيد الذي يتوقع أن تقوم به المقاومة العراقية ضدّ اسرائيل سيكون استثنائياً بعد التهديدات بتعطيل الملاحة الاسرائيلية في البحر المتوسط وهو ما قد يؤدي الى ردة فعل قاسية من اسرائيل لن تستثني الحزب في لبنان لذلك فإن التلويح بعناصر القوة قد تضبط ردود فعل تل ابيب.
كل ذلك يحدث بالتوازي مع مهلة اميركية لاسرائيل حتى بداية شهر شباط لانهاء المرحلة الثانية من الحرب والانتقال إلى المرحلة الثالثة في حين ان تل ابيب تبحث عن شهر اضافي حتى بداية آذار، وعليه فإن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يريد إيجاد حجج فعلية لإبقاء المعارك ضمن الوتيرة الحالية حتى حصول الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الاميركية مراهناً على فوز الرئيس السابق دونالد ترامب الذي قد يغطي توسيع الحرب والمشاركة فيها.