كانت الكثير من الأصوات تطالب بإقالته من تدريب منتخب النشامى، قبل انطلاقة بطولة أمم آسيا المقامة حاليا في قطر، بسبب الأداء الهزيل في المباريات الإعدادية، لكن المدرب المغربي، الحسين عموتة، حقق ما لم يسبقه فيه أي مدير فني آخر، وأوصل الأردن إلى نصف النهائي.
يتحاشى عموتة الأضواء، وإطلالاته الإعلامية قليلة، ويتغيب حتى عن المناسبات التي تخصص للاحتفاء به، وكل من تدرب تحت إشرافه يعرف جيدًا أنه لا مجال للتهاون والكسل، وأن هذا الرجل قادر على طرد أي لاعب يراه غير منضبط بالشكل الكافي.
جاء عموتة إلى الأردن، قادمًا من تجربة تدريب قصيرة مع الجيش الملكي المغربي، الذي قاده في آخر مباريات الموسم الماضي.
ومشواره مع الأردن هو أول تجربة حقيقية له مع منتخب أول، بعد حوالي 17 عاما من تدريب الأندية ومنتخبات الفئات العمرية والمحليين.
وبدأت التجربة بشكل سيئ: خسارة أمام النرويج 6-0 في مباراة إعدادية، وأخرى أمام اليابان 6-1، ونقطة واحدة من مباراتين في تصفيات كأس العالم.
لكنه غير كل شيء مع انطلاقة أمم آسيا، وحقق التأهل من دور المجموعات بأربع نقاط، جاءت بفوز على ماليزيا (4-0)، وتعادل مع كوريا الجنوبية (2-2)، وخسارة أمام البحرين (0-1).
وبعدها انتصر على العراق (3-2) في الدور ثمن النهائي، وعلى طاجكيستان (1-0) في ربع النهائي، ليتأهل لملاقاة كوريا الجنوبية مجددا في نصف النهائي.
صانع مجد الخميسات
كان الحسين عموتة واحدا من المدربين القلائل، الذين تولوا التدريب وفي نفس الوقت دخلوا إلى المباراة كلاعبين.
وحدث ذلك في بعض المباريات، خلال بداية مسيرته التدريبية مع فريقه الأم في مدينة الخميسات.
حقق عموتة مع هذا النادي المتواضع (اتحاد الخميسات) أداءً مميزًا، وصل من خلاله إلى وصافة الدوري المغربي في موسم 2007/2008، ما أهله للمشاركة في دوري أبطال إفريقيا لأول مرة في تاريخه.
ورحل عموتة عن الاتحاد الزموري للخميسات بعد ثلاثة مواسم ناجحة، لكن نتائج النادي تدهورت بشكل كبير بعدها، ليهبط إلى الدرجة الثالثة (دوري الهواة) حاليا.
وهي ذكرى تؤلم كثيرا عموتة، المحب لمدينته الصغيرة القريبة من الرباط، حيث بدأ مساره كلاعب في عام 1988، في خط الوسط، وبعدها لعب لفرق الفتح الرباطي، ثم احترف في الخليج مع عدة أندية، أبرزها السد القطري بين 1997 و2001.
ولا يذكر الكثير من المتابعين أن الحسين عموتة، كان من بين ما عُرف بالتركيبة الرباعية، وهم أربعة مدربين مغاربة تولوا قيادة أسود الأطلس، في المباريات الثلاث الأخيرة من تصفيات كأسي العام وأمم إفريقيا عام 2010، خلفًا للفرنسي روجيه لومير.
لكن المنتخب خرج من هذه المباريات بشكل كارثي، ولم يتأهل لأي واحدة من المنافستين.
ويحمل حسين عموتة العديد من الألقاب كمدرب، فقد فاز بلقب دوري أبطال إفريقيا مع الوداد عام 2017، وكأس الكونفيدرالية مع الفتح الرباطي عام 2010، فضلا عن التتويجات المحلية مع هذين الفريقين.
كما درب مجموعة مميزة من اللاعبين في السد القطري، أشهرهم راؤول جونزاليس وتشافي هيرنانديز.
فرصة المونديال
ويذكر الجميع الفترة الصعبة التي عاشها المنتخب المغربي، قبل مونديال قطر 2022، حيث كان لا يقنع عشاقه في الفترة، عندما كان يدربه البوسني وحيد خليلوزيتش.
وارتفعت الأصوات حينها، مطالبةً بالتعاقد مع الحسين عموتة، الذي كان يدرب المنتخب المغربي لأقل من 23 سنة، خصوصا أنه فاز بكأس إفريقيا 2020 للمنتخبات المحلية، كما قاد المنتخب المغربي الرديف في كأس العرب 2021، وخرج من ربع النهائي.
وفي النهاية، وقع الاختيار على وليد الركراكي، الذي قاد الأسود لأفضل إنجاز إفريقي وعربي في تاريخ بطولات كأس العالم، باحتلاله المركز الرابع.
ومن الصدف أن عموتة خلف الركراكي، في ذلك الصيف، على رأس الوداد البيضاوي، الذي غادره صانع مجد مونديال قطر، وعاد إليه عموتة مجددا.
وصرّح حينها عموتة بأنه، بالفعل، تلقّى دعوة من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لتدريب المنتخب الأول في مونديال قطر، لكنه اعتذر عن عدم قبولها، لأنه لم يكن جاهزا لرهان بهذا الحجم.
لكن المونديال تسبّب بإقالة عموتة بسرعة من الوداد، بعد مضي 3 أشهر على تعيينه، إذ سافر إلى قطر للعمل محللا رياضيا في إحدى القنوات إبّان البطولة، وهو ما رفضته إدارة النادي البيضاوي.
وقبل الإقالة، غادر عموتة كذلك منتخب أقل من 23 سنة، رغم أنه كان مقرّرا أن يشارك به في كأس إفريقيا للمحليين، وكذلك في نسخة خاصة من كأس إفريقيا مؤهلة إلى دورة الألعاب الأولمبية.
وفي النهاية حصل الاتفاق مع الاتحاد الأردني لكرة القدم، وبدأت مسيرة مظفرة في القارة الآسيوية.(موقع كورة)