منذ أكثر من شهر لم تسجّل التقارير الواردة من جبهة الجنوب أي أنشطة أو عمليات عسكرية لمجموعات حركتي " حماس" و" الجهاد الاسلامي من الاراضي على طول الحدود الجنوبية الساخنة ضد المواقع والنقاط العسكرية الإسرائيلية في منطقة الجليل الاعلى. وكان هذا الامر لافتاً للراصدين الذين سجلوا على مدى الأشهر الثلاثة الماضية أكثر من 35 عملية ونشاطاً عسكرياً متنوعاً لكلا الفصيلين.
وكتب ابراهيم بيرم في" النهار": ووفق التقديرات نفسها فإن كلا الفصيلين خسرا ما لا يقل عن 26 عنصراً بينهم عدد من القياديين المحترفين. وعلى رغم ذلك ثمة من يقدّر أن الانشطة الميدانية لهذين الفصيلين قد "أدّت الغرض والمهمة المنشودة" وهي:
- إشعار الإسرائيلي ومن يعنيهم الأمر بأن المسرح الجنوبي قد أعيدت تهيئته لاستعادة تجربة "العمل الفدائي الفلسطيني" الذي بسط حضوره على كل الجنوب بعد اتفاق القاهرة المبرم عام 1969 والذي واجه إسرائيل على مدى أكثر من 15 عاماً ولم ينته إلا بعدما نفذت إسرائيل اجتياحاً برّياً واسعاً للأراضي اللبنانية بلغ العاصمة في صيف عام 1982.
- واستطراداً فإن الوضع المستجد في الجنوب قد أسقط مفاعيل القرار الأممي الرقم 1701 وتالياً صارت المنطقة الجنوبية كلها أمام أمر واقع جديد.
وكان من الطبيعي أن يكون النشاط الميداني الأخير لكلا الفصيلين قد أسهم في ارتفاع أصوات معترضة في الداخل اللبناني مبدية خشيتها الصريحة من تكرار تجربة مرّت وفجرت تناقضات في الداخل اللبناني.
وبناءً على ما تقدم فإن السؤال عن الأسباب الجوهرية التي أفضت أخيراً الى تجميد كلا الفصيلين لنشاطهما العسكري يكتسب شرعية وأهمية.
ولكن القيادي في حركة "حماس" في لبنان وليد كيلاني يكشف لـ"النهار" أن التجميد الظاهر للأنشطة العسكرية لا يرتبط بقرار سياسي اتُّخذ بوقفها بقدر ما هو مرتبط بتطورات الميدان وتحولاته والوقائع المستجدة فيه. ويضيف كيلاني: "عندما اتخذنا قراراً بالمشاركة الميدانية لم تكن تساورنا أية رغبات في تكرار التجربة الماضية بل كنا نحاذر مثل ذلك. فنحن كفلسطينيين مقيمين في لبنان منذ زمن بعيد شئنا أن نعرب عن تضامننا ومساندتنا لشعبنا في غزة الذي يتعرّض لحرب إبادة حقيقية ضجّ منها العالم وسارع ليندّد بأهوالها ووحشيتها. وقد قلنا مراراً وتكراراً ومنذ زمن بعيد إننا حرصاء على استقرار الأوضاع في لبنان وإننا لسنا في وارد تكرار تجربة أسلفت بصرف النظر عن رؤيتنا وتقييمنا لها، فبالنسبة إلينا انتهى الى غير رجعة زمن النضال من الخارج الى الداخل عندما وُلدت حركتنا (حماس) وفصائل ومجموعات أخرى في الداخل في عام 1987 وانطلقنا منذ ذلك الحين في رحلة المواجهة من الداخل المحتل".
واستطرد قائلاً "وبالعموم نحن قلنا إن مشاركتنا في الميدان الجنوبي هي مشاركة تضامنية وتحت سقف المقاومة اللبنانية التي يقودها "حزب الله" وبالتنسيق معه، ونحن سبق أن أعلنا أن نشاطنا في الميدان الجنوبي سيتوقف تماماً عندما يتوقف العدوان الوحشي الإسرائيلي على شعبنا في غزة".