تشير التطورات الميدانية إلى أن عودة التهدئة إلى الجنوب ليست في المقبل من الأيام، ومرد ذلك التصعيد الذي تجلى في الأيام الماضية مع تجاوز العدو الإسرائيلي الخطوط الحمراء واستهدافه لمبنى في النبطية ذهب ضحيته 11 شهيداً وعدداً من الجرحى، وإعلان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله" أن الرد آتٍ لا محالة، وأن الإسرائيلي سيدفع ثمن اعتداءاته دماً وليس مواقع، وأن الأمر سيكون متروكاً للميدان وتدبير المقاومين".
كل ذلك يؤشر وفق أوساط سياسية وعسكرية أيضاً، إلى أن الأمور مقبلة على التصعيد من الجهتين، فـ"حزب" الله لن يسكت على اعتداءات إسرائيل وسوف يرد بالمناسب وفي المكان المناسب، إلا أنّ هذه الأوساط نفسها تتقاطع على أن هذا التصعيد سيبقى مضبوطاً ولن يتطور إلى حرب.
في هذا الوقت، لا تزال المساعي مستمرة لعودة الاستقرار إلى جنوب لبنان، وسط معلومات تشير إلى أن لبنان قد يقبل على استقرار حذر في الفترة المقبلة، اذا دخلت الهدنة في غزة حيز التنفيذ، مع تشديد مصادر بارزة على ان الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الذي زار تل أبيب الشهر الفائت لأخد جواب حول الأفكار المطروحة لحل الازمة في جنوب لبنان، لم يحصل على اي موقف إيجابي يخوله زيارة لبنان، ولذلك فإن لا زيارة قريبة لهوكشتاين إلى بيروت وأن الموعد يبقى رهن الظروف وتطور المواقف.
وتستغرب المصادر التباين في الموقفين الفرنسي والاميركي من مسار الحل في الجنوب، وبينما تتعاطى واشنطن بواقعية أكثر مع الأوضاع الراهنة لجهة أن أيّ حل ينتظر انتهاء الحرب في غزة، بالتوازي مع مساعيها المستمرة لمنع التصعيد على لبنان، فإن باريس تعمل على فصل ملف لبنان عن ملف غزة على كل المستويات الأمنية والسياسية منها.
أما الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الذي لن يزور بيروت قريباً، فإنه يواصل اتصالاته مع أعضاء "اللجنة الخماسية" من أجل ترتيب مقترح لحل الأزمة في لبنان، من خلال دفع القوى السياسية الى حوار موسع سواء برعاية خارجية او من دونها، تمهيدا لتفاهم ما يمكن ان يبنى عليه لانهاء الفراغ الرئاسي في قصر بعبدا.
ويبدو أن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي التقط الإشارة الفرنسية، سيجدد الدعوة إلى الحوار الذي من شأنه أن يؤسس لدعوة لجلسة انتخاب الرئيس. ومع ذلك لا تزال الأمور ضبابية لا سيما ان الانقسام سيد الموقف حول طاولة الحوار وان المعارضة لم تغير موقفها الرافض للحوار، وترجع ذلك إلى أنها لن تذهب إلى حوار حول انتخاب مرشح "الثنائي الشيعي".
في المقابل، تفيد المعطيات بتزايد الاهتمام بدعم الجيش من قبل الولايات المتحدة وقطر وباريس التي تتجه الى عقد مؤتمر دولي حول دعم الجيش الشهر المقبل، مع تأكيد مصادر دبلوماسية ان هناك تطمينات اميركية تلقاها المسؤولون في لبنان مفادها ان واشنطن سوف تعمل على تقديم المزيد من الدعم للمؤسسة العسكرية، وكذلك قطر التي تبدي اهتماما بدعم الجيش خصوصا في هذه الظروف من أجل المحافظة على الاستقرار.
وكان قائد الجيش العماد جوزاف عون أشار إلى "أن الجيش يحظى بثقة الدول الصديقة ويتلقى مساعدات متواصلة وحيوية لاستمراره".