كتب صلاح سلام في" اللواء": يبدو أن سياسة الإحتواء التي يتبعها الرئيس نجيب ميقاتي، متجاوزاً الضجيج السياسي حول بعض القرارات الحكومية الضرورية، بدأت تظهر مفاعيلها الإيجابية في الحد من الإنهيارات في أكثر من قطاع حساس، رغم غياب الرؤيا المتكاملة لخطة إنقاذية شاملة.
قطاع الكهرباء مثلاً بدأ يستعيد بعض عافيته، بعد تحسن مستوى الجبايات، وتخفيف الهدر في أكثر من منطقة، والمطالبات الملحّة والجدّية للوزارات والإدارات العامة، وكذلك مراكز تجمع النازحين السوريين، والمخيمات الفلسطينية لدفع بدل ما تستهلكه من التيار الكهربائي. ولأول مرة منذ بضعة سنوات تستطيع «كهرباء لبنان»، أن تخرج من مستنقع العجز المالي، وتراكم رصيداً مالياً لافتاً، يُمكّنها من إستيراد الفيول مباشرة من دول المصدر، وبالمواصفات المناسبة، وتسديد الكلفة المالية، دون الحاجة للجوء إلى سلف مصرف لبنان، كما كان يحصل سابقاً.
وفي حال نشطت أكثر شركات الخدمات التي تتعهد الجباية الكهربائية، بعد إلغاء رسوم التأهيل، والإستغناء عن فرض ٢٠ بالمئة زيادة على قيمة الفاتورة الشهرية، يمكن أن يسجل الوضع المالي للمؤسسة قفزة نوعية طال إنتظارها، خاصة وإن إمكانية تسديد الفواتير بالدولار مباشرة أصبحت متاحة إبتداء من شهر شباط المنصرم، مما يوفر مدخولاً بالعملة الخضراء، يُغني الإدارة عن شراء الدولار من السوق السوداء، ويطوي صفحة المخاوف التي كانت تراود حاكم البنك المركزي بالإنابة وسيم منصوري، ويعارض زيادة الطلب على العملة، حتى لا يؤثر على حالة الإستقرار النقدي المستمرة منذ آب الماضي. الأمر الذي يساعد على زيادة ساعات التغذية في فترة قريبة.
وعلى سيرة منصوري فإن التدابير التي إتخذها للحد من المضاربات على الليرة في السوق السوداء، نجحت في وقف تدهور سعر صرف الليرة من جهة، وساهمت، من جهة ثانية، في زيادة الإحتياطي من العملات الأجنبية لدى المركزي بمعدل مليار دولار خلال ٧ أشهر فقط. والتنسيق بين الحاكمية ووزارة المال ورئاسة الحكومة أكثر إنسجاماً، مما كان عليه مع الحاكم السابق رياض سلامة.
يُضاف إلى كل ذلك، تحسن واردات مرفأ بيروت بشكل مضطرد، رغم إستمرار وجود بعض قنوات التهرب من الرسوم الجمركية. وشجع هذا التحسن النسبي على طرح مخطط إعادة تأهيل المرفأ، وإزالة آثار الإنفجار التدميري المشؤوم الذي تعرض له في ٤ آب ٢٠٢٠. ولا بد من الإشارة أيضاً إلى إطلاق ورشة إصلاح الأضرار والترميم والتأهيل في السراي الحكومي الذي لم ينجُ من إنفجار المرفأ إيضاً.
ويعتبر الرئيس ميقاتي أن كل هذه الإنجازات، على أهميتها، تبقى ثانوية، أمام إنجاز الإستحقاق الرئاسي وإنتخاب رئيس الجمهورية اليوم قبل الغد !