أطلقت منظمة فرسان مالطا لبنان "OML" من جامعة الـ"ESA" – كليمنصو، أول مشروع زراعي لها في لبنان، لتعزيز الممارسات الزراعية المحلية من خلال توفير الدعم للمزارعين والشركات والمساهمة في الانتعاش الاقتصادي، في حضور وزير الزراعة في حكومة تصريف الاعمال عباس الحاج حسن ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، وزير السياحة في حكومة تصريف الاعمال وليد نصار ممثلا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الرئيس تمام سلام، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الشيخ محمود الخطيب ممثلا مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، الشيخ سامي عبدالخالق ممثلا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى، وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال هكتور الحجار، النواب: مروان حمادة، وائل ابو فاعور، سيمون ابي رميا، نعمت افرام وراجي السعد، النائب السابق زياد بارود، رئيس الاركان في الجيش اللبناني اللواء حسان عودة ممثلا قائد الجيش العماد جوزاف عون، العقيد مازن صقر ممثلا المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري، العميد هنري منصور ممثلا المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، السفير البابوي المونسنيور باولو بورجيا، المدير العام للزراعة لويس لحود، رئيس منظمة مالطا مروان صحناوي، رئيسة مؤسسات الامام السيد موسى الصدر رباب الصدر وشخصيات اجتماعية ودبلوماسية وفكرية ومسؤولين في المنظمة ومعنيين.
صحناوي
استهل اللقاء بكلمة لرئيس المنظمة قال فيها: إن حضوركم معنا اليوم بمثابة نشيد للحياة، لحياة وطننا لبنان الحبيب الذي وهبنا الكثير وأخذ منه كل شيء. وطننا لبنان الرسالة، بحسب ما قاله القديس يوحنا بولس الثاني، لبنان التعايش والعيش المشترك، وطن المحبة والأخوة، وطن الغفران والأمل والعدالة وكرامة الإنسان، وطن لن نتخلى عنه أبدا ولن يموت إطلاقا. لا أسألك عن عرقك أو لونك أو لغتك أو دينك، حسبي أن تقول لي ما هو عذابك. ها هو، يا أصدقائي الأعزاء، شعار منظمتنا. واستكمالا لما سبق، يشرفني أن أقف أمامكم اليوم لإطلاق البرنامج الزراعي - الإنساني لمنظمة مالطا – لبنان على الصعيد الوطني. وبينما نبدأ هذا الفصل الجديد في تاريخ منظمتنا، لا بد من تسليط الضوء على التزامنا الطويل الأمد بتعزيز الصحة والرفاه الاجتماعي، وهما لطالما كانا أساس مهمتنا على مدى عقود. في الواقع، منذ أكثر من ٧٠ عاما، كانت منظمة مالطا - لبنان رائدة في مجال تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية والدعم الاجتماعي للجميع على امتداد الأراضي اللبنانية".
وأكد أن "إرادتنا الصلبة للدفاع عن مبادئ الكرامة والأمل والتعايش والتعاطف بتفان وتواضع وشفافية وتميز، قد وجهت أعمالنا وجهودنا. ولكن، في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها مجتمعنا كل يوم، شعرنا بالحاجة الملحة إلى توسيع مجال عملنا ليشمل أكثر من مجرد مهامنا التقليدية المرتبطة بالصحة والمجتمع. توجب علينا أن نعيد تصور المستقبل وأن نعود إلى أرضنا: أرض لبنان السخية والمنقذة. كان علينا أن نقف إلى جانب مزارعينا وأن نساعدهم على البقاء في أراضيهم، وننصحهم بزراعة أغذية نوعية ومغذية وصحية ومراعية للبيئة في أفضل الظروف وبحسب التقاليد الزراعية الناجحة، ليتمكنوا من العيش بكرامة من ثمرة عملهم، ولكي نصبح نحن أيضا، يوما ما، وبفضلهم، أقل اعتمادا على استيراد معظم ما نستهلكه".
أضاف: "في عام ٢٠٢٠، في خضم الأزمات المتعددة التي عصفت ببلدنا، اتخذنا قرار مباشرة العمل في مجال ثالث، أردت أن أسميه المجال الزراعي - الإنساني. ومع أن هذا البرنامج ليس عملا نقوم به على المدى القصير فحسب، بل نسعى إلى تطويره على المدى الطويل أيضا، إلا أنني كنت أصر على إدراج كلمة "الإنساني" في تسميته للحفاظ على روح منظمة مالطا التي تضع الإنسان وكرامته دائما في أساس وصلب عملها. إن نهجنا ليس واقعيا فحسب، بل هو أيضا ملهم؛ فعندما نساعد الإنسان على الحفاظ على جذوره في أراضه وعلى زراعة ما يكفيه للعيش، نعطيه أيضا شعورا بالفخر والاستقلالية والأمل والتعلق بالأرض من أجل المستقبل".
وتابع: "وبما أننا نتكلم عن التعلق بالأرض، دعونا لا ننسى إخوتنا وأخواتنا في الجنوب الذين يعانون منذ أكثر من ستة أشهر والذين نستمر بمساعدتهم بدون كلل، سواء من خلال مراكزنا الطبية والاجتماعية في "يارون" و"رميش" مع الجيش اللبناني، وفي "صديقين" مع مؤسسة الإمام الصدر، أو عبر وحداتنا الطبية النقالة في منطقتي "النبطية" و"صور"، ومطبخنا المجتمعي النقال، وبالطبع مركزنا الزراعي - الإنساني في "عين إبل"، بالشراكة مع الرهبانية اليسوعية، لكي يتمكنوا من التحلي بالأمل والاستمرار بالزراعة من أجل البقاء، على الرغم من كل شيء. أود أيضا هنا أن أشيد بجهود شركائنا وجميع المانحين الذين سيتم شكرهم خلال هذا الحدث".
وختم: "بينما نستعد للانطلاق في هذه الرحلة معا، لتكن قيم الحياة والسيادة والتضامن والصمود دليلنا لنفتخر بهويتنا اللبنانية ولنعمل بلا كلل لنحقق رؤيتنا لمستقبل أكثر ثباتا واستدامة للجميع. معا نستطيع زراعة حقول مثمرة، كما نستطيع زراعة الأمل والفرص للأجيال المقبلة".
الراعي
ثم القى البطريرك الراعي كلمة رحب فيها بالحضور وقال: "أود أولا الترحيب بالشخصيات والمسؤولين في منظمة فرسان مالطه ذات السيادة، مع التحية لجميع الحاضرين المشاركين في هذا اللقاء وهو إطلاق برنامج زراعي - إنساني جديد للمنظمة. فالشكر كل شكر لها على هذا المشروع الذي يضاف الى ما حققت من مشاريع لخدمة اللبنانيين في مختلف حاجاتهم وإني بكلمتي أتوقف عند أربعة من أبعاد هذا المشروع".
وتحدث الراعي عن 4 ابعاد للمشروع، فقال: "البعد الأول الروحانية، حيث يكشف المشروع قدسية الأرض والعلاقة بين الخالق والإنسان. يتضح من سفر التكوين أن الله خلق الأرض وسلمها للإنسان لكي يحرثها ويستثمرها فيعيش منها بكرامة وسلمه اياها لكي يحرسها محافظا عليها، لأن منها يستمد هويته ورسالته وعليها يكتب تاريخه وحضارته. فأرضه جميلة لا يحق له تشويهها وهي أرض إرث لا يحق له تبديده. وبفضل التجسد الإلهي في هذا الشرق المتألم أصبح للأرض قيمة خلاصية ينبغي الإعتناء بها والمحافظة عليها واحترامها، لأنها لم تعد أرض الإنسان وحده، بل أصبحت أرض التجسد الإلهي، وصاحبة رسالة، وهي الشهادة لله خالقها ومعطيها. المشروع الزراعي - الإنساني يساهم في إحياء روحانية الأرض وتعزيزها.
والبعد الثاني التجذر، حيث ان هذا المشروع الزراعي - الإنساني يشكل وسيلة للحد من نزيف الهجرة بسبب التوترات السياسية والأمنية وهبوط المستوى الإقتصادي والمالي. كما أنه يحد من بيع الأراضي من أجل سد الجوع أو تأمين متطلبات الحياة الإجتماعية. أنه وسيلة للتجذر في الأرض ولإبراز قيمة هذا التجزر فيها، ليس فقط من حيث ملكيتها التي نتصرف بها على هوانا، بل على الأخص لأنها إرث من الآباء والأجداد. وهي بالتالي وديعة ثمينة. إن هذا المشروع سيساهم في إبراز قيمة الأرض التي نملكها، ويكشف عن إمكانية استثمارها بطرق أفضل من بيعها، مهما اشتدت الضائقة المالية، وكبر حجم الإغراءات لبيعها، كما هو حاصل اليوم.
البعد الثالث، الأرض إرث وطني، فقيمة هذا المشروع الزراعي - الإنساني أنه يحمل على النظرة إلى الأرض كعنصر أساسي للإنتماء إلى الوطن. فقدانها يشبه نوعا من اليتم الوطني. عندما أراد الملك آحاب أخذ أرض نابوت وإستبدالها بأرض أو بمال، أجاب نابوت جوابه الشهير: "معاذ الله أن أبيعك ميراث آبائي" (1 مل3:21). الحفاظ على الأرض حفاظ على الهوية والكيان والديمومة. الأرض هي الوطن والكيان، عليها نحافظ على حضارتنا ووجودنا ورسالتنا وعليها نلتقي ونعيش معا ونكون جماعة وطنية تغتني بوحدة تنوعها الثقافي الديني. إن للمشروع الزراعي - الإنساني دورا كبيرا في هذا المجال.
البعد الرابع، التنمية الزراعية والإنسانية، إن لهذا المشروع قيمة إنمائية للمزارع وللزراعة على حد سواء. فالمزارع يحتاج إلى تجاوز نوعية الزراعة التقليدية من جهة والوسائل التقليدية المستعملة من جهة أخرى. من شأن هذا المشروع أولا تعريف المزارعين على الزراعات الجديدة التي تحتاجها الأسواق العالمية وعلى وسائلها المتطورة، وثانيا دعم المزارعين في ما يحتاجون إليه من أساليب وقاية لمواسمهم. ولأن الزراعة لا تقبل الغش في التعاطي معها، فإنها مدرسة تنمية إنسانية وأخلاقية وروحية للمزارع. ولأن الأرض والزرع الجيد صادقان ، فإنهما يقتضيان من المزارع الصدق في التعامل والمصالحة الدائمة معهما".
اضاف: "نحن نأمل أن يكون المشروع مدرسة لمساعدة المناطق الريفية في الإعتناء بالزراعة وتوفير الطرق الحديثة لتسهيلها وزيادة إنتاجها وتنويعه وإيجاد الأسواق الخارجية لتسويقها. فيتأمن العيش الكريم والكافي للمزارعين وعائلاتهم. إن الله أنعم على لبنان بفصول متمايزة وشمس وهواء وماء وساحل وجبال وتربة مهيأة للزراعة المتطورة والعلمية، فيلتقي مشروع منظمة فرسان مالطة مع الهبة الإلهية".
وختم قائلا: "يسعدني أن أعرب بإسم مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان عن الشكر من صميم القلب لمنظمة فرسان مالطة ذات السيادة على اهتمامها بلبنان من خلال مؤسساتها المتنوعة والموزعة في مختلف المناطق اللبنانية. ويزاد عليها اليوم المشروع الزراعي – الإنساني الذي ستكون له ثمار وافرة للمزارعين وقطاع الزراعة. ونسأل الله أن يكافئ هذه المنظمة والقيمين عليها والعاملين فيها والمحسنين المساندين بفيض من نعمه وبركاته".