عاد الخلاف الداخلي في "التيار الوطني الحرّ" الى الواجهة وهو الذي لم يتوقف منذ استلام رئيس "التيار" جبران باسيل رئاسة الحزب وزمام المبادرة، لكن هذه المرة يطال بشكل او بآخر عددا غير قليل من نواب تكتل "لبنان القوي"، من هنا بات السؤال الاساسي الذي يطرح امام المعنيين، هل يستطيع باسيل التعايش مع هذا المستوى من الخلافات الحزبية؟ وكيف يمكن له احتواءها في ظل تماسك النواب المعارضين داخل التكتل بشكل كبير، وعليه لا يمكن الاستفراد بهم بشكل احادي؟
يعمل باسيل ضمن سياسة واضحة تهدف إلى تمكينه من السيطرة على "التيار" حزبياً بشكل كامل في ظل وجود الرئيس السابق ميشال عون، على اعتبار أن هناك تبدلات حقيقية قد تحصل "بعد عمر طويل"، اذ ان الكثير من القيادات الاساسية في "التيار" لن تتجاوب مع باسيل كما تتجاوب اليوم مع عون، وهذا ما سيضع باسيل في مأزق مفاجئ، وعليه فهو يعمل اليوم على تأمين حضوره داخل الاطر القيادية والحزبية بالتوازي مع تعزيز شعبيته ضمن البيئة العونية ككل.
سيعتمد باسيل بشكل واسع على قدراته الشعبية لدى التياريين، وهو جرب ذلك مراراً وتكراراً، وكانت القيادات العونية المعترضة والتي تخرج من "التيار" تجد نفسها معزولة بشكل شبه كامل في الشارع، ولم تستطع تحقيق اي خرق جدي خلال اي عملية اقتراع نيابية او نقابية وغيرها، وعليه، وبالمقارنة يمكن لباسيل الاعتماد على مثل هذه التجارب للقول إن أي قيادي حزبي يستقيل من "التيار" او يتم فصله لن تكون له اي قدرة شعبية او حزبية.
لكن، وبحسب مصادر مطلعة، فإن الواقع هذه المرة يبدو مختلفاً، اذ ان معظم النواب المعارضين داخل التكتل، لديهم حيثياتهم القوية الخاصة بهم اضافة إلى حيثيات "التيار الوطني الحر"، وتحديداً إلياس ابو صعب وآلان عون وسيمون ابي رميا وحتى اسعد درغام، حيث سيتمكن هؤلاء من تحقيق ضرر كبير في البنية الشعبية والناخبة العونية وان لم يستطع اي منهم الفوز لوحده من دون تحالف، الا أنهم سيسلبوا التيار كتلة اصوات لا بأس بها تؤثر على الحواصل وعلى المرشحين الاخرين..
في الاستحقاقات السابقة، تمكن باسيل من الاستفادة من حضور الرئيس السابق ميشال عون لإقناع هؤلاء النواب بوجهة نظره، وهذا ما حصل على سبيل المثال لحظة التصويت لمرشح التقاطع جهاد ازعور اذ كان غالبية النواب المعارضين يرفضون التصويت له لكنهم التزموا بقرار عون، لكنه اليوم بات باسيل في موقع غير مريح بعد فصل النائب الياس بو صعب، اذ بات سائر النواب اكثر تماسكاً ويلوحون بالقيام بردة فعل موحدة في حال تعرضهم لأي قرار حزبي غير مناسب.
هنا، تصبح الحالة الاعتراضية تتمتع بنوع من الشرعية السياسية والنيابية والخدماتية نظراً لقدرة هؤلاء النواب في المجال الخدماتي في أقضيتهم وتوزعهم على عدة مناطق ذات غالبية مسيحية، كما ان انسحاب هؤلاء او فصلهم سيترك في كتلة باسيل مجموعة من النواب الذين وصولوا بأصوات "الثنائي الشيعي" او بأصوات "قوى الثامن من اذار" الامر الذي يضرب حضوره المسيحي وخطابه الاعلامي بشكل كبير خصوصا مع اقتراب الحل المرتبط بالاستحقاق الرئاسي.