يتقدّم تكتل «الجمهورية القوية»، اليوم ، باستدعاء أمام «المجلس الدستوري» يطعن فيه بقانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية الذي أقرّه المجلس النيابي الأسبوع الماضي، بحجة تعذر إجراء انتخابات لهذه المجالس، في ظل الحرب الدائرة في الجنوب .
وكان التكتل قد تقدم العام الماضي بطعن مماثل، إلى جانب كتل ونواب آخرين رفضوا التمديد السابق للبلديات بحجة عدم توافر الاعتمادات المالية اللازمة لإجراء الانتخابات. وهو لم ييأس، على ما يبدو، أو يستسلم لاحتمال أن يكون رأي المجلس القانوني مماثلاً لرأيه العام الماضي، والذي استند حينئذ إلى أسباب عدة لرد الطعون، وأهمها الحرص على استمرارية المرفق العام.
وتشير عضو تكتل «الجمهورية القوية»، غادة أيوب، إلى أن «الإصرار من قِبل التكتل على الطعن مجدداً هذا العام بقانون التمديد هو إصرار على الطعن بكل قانون غير دستوري، وهو حق مشروع وواجب وطني»، معتبرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما هو مفاجئ دائماً أنه، وبمتن قرارات المجلس الدستوري، يتم إيراد كل الأسباب التي تؤدي إلى إبطال القوانين، لكن التبرير يكون بالحديث عن ظروف استثنائية يتم التذرع بها».
وتلفت أيوب إلى أن «هناك نواة من القانونيين والدستوريين والقضاة الذين يوافقون معنا أن هذا النوع من القوانين يضرب صورة وجوهر الدستور والمبادئ الدستورية كافة التي أقرّها المجلس الدستوري، من هنا التركيز على دورية الانتخابات وحق الاقتراع والعودة إلى الناس لانتخاب السلطات المحلية التي تمثلهم، لا تلك التي تمثل السلطة»، مضيفة: «يبقى لدينا دائماً أمل بالقضاة والقضاء، ونتمنى أن ينصفنا المجلس الدستوري. وهو إذا وجد أن هناك ظروفاً استثنائية تحتم التأجيل في منطقة معينة، فعليه إنصاف باقي المناطق اللبنانية».
ويوضح الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين، أن «إنشاء المجلس الدستوري عملاً بتوصيات اتفاق الطائف شكّل خطوة إصلاحية جدية لضمان سمو الدستور وحمايته، لكن هذه الخطوة تعرضت لأكثر من انتكاسة: أولاً، عند تعديل الدستور عام 1990، من دون الأخذ بكامل ما أوصى به اتفاق الطائف، وبالتحديد لجهة إعطاء المجلس الدستوري صلاحية تفسير الدستور، معتبراً أن عدم القيام بذلك كان يهدف إلى أن تبقى السلطات السياسية متحررة من قرارات المجلس (الدستوري) التفسيرية، ويبقى هناك هامش للمسؤولين السياسيين بتفسير الدستور، كل منهم بحسب ما يراه خلال ممارسته للحكم».
ويشير يمين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الانتكاسة الثانية كانت في طريقة تعيين أعضاء المجلس، بحيث إن العملية ظلت بيد السلطات السياسية، وتحديداً السلطتين التشريعية والتنفيذية، أي أن القوى السياسية هي التي تتحكم بعملية التعيين؛ الأمر الذي يؤدي إلى جعل الاختيار مصبوغاً بالسياسة. وللأسف، في بعض الأحيان نلاحظ تأثير ذلك على بعض الأداء في عمله». ويضيف: «أما الانتكاسة الثالثة فتتمثل بالنصاب الذي حدد في نظام المجلس الداخلي، لجهة وجوب حضور 8 أعضاء من أصل 10؛ الأمر الذي أفسح المجال للسياسيين بأن يحاولوا التأثير على 3 أعضاء في المجلس، بحيث إذا غاب هؤلاء تعطل النصاب. أضف إلى ذلك أن الأغلبية المطلوبة للبت بالقرارات، وهي 7 من أصل 10، تعتبر أغلبية عالية. ففي حال لم تتوافر في الاتجاه ذاته يكون قد عجز عن اتخاذ القرار».
ويرى يمين أن «تجربة المجلس انطوت على إخفاقات ونجاحات في آن، ولكن يفترض العمل على تفعيله وتحصينه وتعديل نظامه الداخلي لناحية طريقة تعيين الأعضاء وتوسيع أصحاب الصفة في تقديم الطعن، والنصاب المطلوب لانعقاد اجتماعاته، والأغلبية المطلوبة للبت بقراراته، كما منحه صلاحية تفسير الدستور».