عادت علاقة «التقاطع» التي تربط بين حزب «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي» إلى الواجهة مجدداً إثر قرار الأخير بمقاطعة «لقاء معراب» الذي دعا إليه رئيس «القوات» سمير جعجع، ومن ثم اعتبار رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط أن جعجع يريد أن يثبت نفسه زعيماً للمعارضة؛ وهو ما استدعى رداً من «القوات».
وكتبت كارولين عاكوم في" الشرق الاوسط": بينما لا يزال كل من «القوات» و«الاشتراكي» متمسكين بمصالحة الجبل التي أُنجزت عام 2001، بدأت العلاقة بينهما، خاصة بعد الانتخابات النيابية الأخيرة التي تحالفا خلالها، تأخذ طابع «القطعة» أو التقاطع في قضايا محددة، والاختلاف في أمور أخرى، كما حصل أخيراً في التقاطع على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، ومن ثم التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، لكن من دون أن يصل هذا «التقاطع» إلى مرحلة التحالف، لا سيما مع إعلان جنبلاط الصريح برفضه «سياسة المحاور».
ولا يبدو أن «التقاطع» في ملف الرئاسة سيبقى على ما هو عليه نتيجة الاختلاف في مقاربته، لا سيما بعدما كان جنبلاط قد أعلن سابقاً أنه قد يدعم مرشح «الثنائي الشيعي» قائلاً: «إذا قدم سليمان فرنجية برنامجاً متكاملاً فقد نقبل به»؛ وهو ما استدعى عندها سجالاً محدوداً أيضاً، حيث دعته النائب ستريدا جعجع إلى «التقيد بالشراكة المسيحية – الدرزية واحترام خيارات أكثريّة المسيحيين والبطريركية المارونية في الانتخابات الرئاسية».
ويقرّ كل من الطرفين بأن العلاقة بينهما هي «علاقة تقاطع» تزيد حيناً وتتقلص أحياناً أخرى، وهو ما يتحدث عنه النائب بلال عبد الله، عضو كتلة «الاشتراكي»، مؤكداً عدم وجود قطيعة بين الطرفين إنما اختلاف في مقاربة بعض القضايا. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تمايز في مقاربة بعض الملفات في ما بيننا، أبرزها في الوقت الحالي مقاربة الوضع في جنوب لبنان والقرار 1701 والملفات الدستورية المرتبطة بعمل الحكومة ومجلس النواب، ولكن هناك تقاطعاً أيضاً بملفات أخرى».
ويبدو واضحاً أن الطرفين لا يسعيان إلى «تصعيد الخلاف» محاولين إبقاءه ضمن سياق التمايز؛ إذ وكما عبد الله، تتحدث مصادر «القوات» عن «علاقة التقاطع بين الطرفين» معتبرة بأن «جنبلاط هو من وضع نفسه خارج إطار أي تحالفات موجودة».
وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «يرى جنبلاط أننا متشددون، لكن بالنسبة إلينا نحن متمسكون بالمواقف نفسها التي جمعتنا معه منذ مرحلة 2005 وأخيراً في التقاطع على ترشيح أزعور».
وكتب عماد مرمل في" الجمهورية": تؤكد اوساط الاشتراكي»، انه لم يكن وارداً لديه ان يشارك في لقاء معراب بأي شكل، وذلك على قاعدة رفضه المساهمة في إنتاج مشهد انقسامي نافر، في ظل مرحلة استثنائية لا تتحمل ترف الاصطفاف الحاد.
وتبعاً للأوساط، لا يمكن لـ الاشتراكي» القبول بأن يشكل أداة ضغط على أهل الجنوب والمقاومة وسط العدوان الاسرائيلي المتواصل وحتى لو كان لدينا احياناً ما يجب قوله لحزب الله، فإننا نفعل ذلك خلال لقاءاتنا المشتركة في الغرف المغلقة».
وتشدّد الأوساط على ان المسألة ليست مسألة تنافس سياسي تقليدي بين موالاة ومعارضة في وضع طبيعي، بل هناك تحديات خطرة ومصيرية تفرضها الحرب وتتطلب تعاطياً وطنياً معها.»
وتلفت الأوساط إلى ان الاشتراكي» اختار منذ بداية الحرب التموضع في الموقع الذي يعكس اقتناعاته وتاريخه، ولذا كان من البديهي ان يقف الى جانب أهل الجنوب في مواجهة العدو الاسرائيلي، علماً ان صراع الجنوبيين مع هذا العدو تاريخي، وهو بدأ قبل «حزب الله» وسيستمر ما دام التهديد موجوداً، أما دعمالقضية الفلسطينية فيمثل خياراً مبدئياً يندرج في إطار تراث «التقدمي» وثوابته»، وفق ما تلفت اليه الأوساط.
وانطلاقاً من هذه المقاربة، تؤكد الأوساط ان «الاشتراكي» ليس مستعداً للانخراط في اي مشهد يحاول توسيع الانقسام الداخلي وتغذيته كما حصل في معراب، لأن من شأن ذلك أن يلقي حمولة زائدة على واقع لبناني لا يتحمل مثل هذا الضغط