تعجّ صفحات مواقع التواصل الإجتماعي بإعلانات لشركات ومكاتب سفر تُسوّق لرحلات خارجيّة بأسعار تنافسيّة، ما يُغري اللبنانيّين لحجز تذاكرهم والهروب ولو لأيّامٍ قليلة من مُختلف الأزمات التي يعيشونها في بلدهم.
يسعى اللبنانيّون، وبالرّغم من أحوالهم الصّعبة، الى الإستمتاع بأشهر الصيف إن كان في لبنان أو حتى في الخارج، لسببين أساسيّين، الأوّل هو أنهم بحاجة الى "تغيير جوّ" في ظلّ كل ما عانوه ولا يزالون، والسبب الثاني هو أنه لو مهما ابتعدوا وسافروا، فكلّ شيء يؤّشر الى أنّ الأزمات باقية.
يبدو أن اللبنانيين يرغبون في موسم صيف مبكر، ويتوجّهون إلى البلدان الدافئة حالياً. أولى الوجهات السياحية في فصل الصيف، هي مصر، فحوالي 80 في المئة من السياح اللبنانيين يتجهون إليها، وقد بدأت هذه الحركة مع بداية الأعياد، فالحر الشديد صيفاً يجعل السياحة الى مصر محصورة بشرم الشيخ والغردقة كونهما على البحر أما في الربيع والخريف فإن مصر بتاريخها وآثارها تشكل وجهة سياحية مرغوبة جداً.
وعن تكلفة الرحلات إلى شرم الشيخ لدى إحدى مكاتب السفر"”Tia Travelفتبدأ من 400 دولاراً للشخص الواحد.
فمثلاً لعائلة مكوَّنة من أربعة أشخاص، يمكن أن تكون تكلفة هذه الرحلة نحو 1600 دولار، ويمكن أن تصل إلى 10,000 دولار بحسب الخدمات المختارة.
وتؤكد صاحبة مكتب "Tia Trave" السيدة روان فخر الدين إن "اللبنانيين يفضلون تركيا وجهة لقضاء عطلاتهم في أشهر الصيف، وذلك لقربها الجغرافي والثقافي وإعفائهم من تأشيرة الدخول إلى الأراضي التركية، إلى جانب الأسعار المعقولة للسلع والخدمات"،
مُضيفة "اللافت هو أن الطائرات الى تركيا "مفولة" تقريباً، وتعكس حبّ اللبنانيّين للسفر ولو أنّ الظروف الإقتصاديّة والمعيشيّة صعبة، وخصوصاً وأنّ الـ"Package" الذي نعرضه يضمّ أسعار التذكرة والفندق والتنقّل والتأمين بسعر ممتاز".
اما تكلفة الرحلات إلى اسطنبول وانطاليا، فتبدأ من 250 دولاراً للشخص الواحد.
ووفق المؤشرات، فإن الغالبية الساحقة من الرحلات إلى تركيا تقلّ سياحاً لبنانيين لاسيما تلك المتوجهة إلى مطارات بودروم ودالامان وأضنة، أما المتوجهة إلى مطار أتاتورك في اسطنبول فيتنوّع ركابها بين السياح والعابرين إلى دول أخرى عبر اسطنبول.
بالنسبة للدول العربية، تونس و المغرب الفيزا إليهما لا تخلو من الصعوبة لذلك لم يعودا ضمن الخيارات المطلوبة فيما دبي تعتبر بلداً باهظ الكلفة للسياحة بالنسبة للبنانيين، والذين يقصدون دبي للسياحة لا تتخطى نسبتهم 10% فيما الباقون يقصدونها لزيارات عائلية أو للعمل.
أوروبياً، إسبانيا من الوجهات التي يفضلها اللبنانيون لكن أسعارها لا تزال مرتفعة فيما إيطاليا وجهة مرغوبة جداً باسعار مقبولة. كذلك تشكل اليونان خياراً مطلوباً رغم الضغط الشديد على الطيران كون الكثير من اللبنانيين باتوا يملكون بيوتاً في اليونان ويتنقلون بشكل دائم بين البلدين، كما أنّ هناك طلباً من الـcouples والمتزوجين الجدد لقضاء شهر العسل في سريلانكا وبالي والمالديف.
من جهته، حجز احمد تذاكر لأفراد عائلته لمدّة شهرين لقضاء عطلة الصيف في قبرص، بعدما اشترى منزلاً هناك في بداية الأزمة المالية.
واستبدل بعض اللبنانيين وجهاته الخارجية برحلات برية صغيرة الكلفة الى سوريا والأردن. لا سيما بعد أن استتب الوضع الأمني في معظم المحافظات السورية وبوجود وجهات سياحية جميلة. كما أن الرحلة الى سوريا عبر تذكرة الهوية تحل مشكلة صعوبة الحصول على الجوازات اللبنانية التي لا تزال تشكل عائقاً حقيقياً امام السفر الى الخارج.
وقالت إحدى المسافرات إلى الأردن عبر البر "الظروف صعبة في الوقت الحالي والأردن يعتبر مناسباً لأنّه يمكن الذهاب اليه بالبر وبتكلفة أقل بكثير. حيث تكلفة الباص تُقسم على الجميع وبذلك يصبح سعر الحملة مقبولاً لهم، يعني 190 دولاراً لـ3 أيام من ضمنها الاقامة في الأوتيل وفطور وعشاء ودخوليات البحر الميت (يتضمن غداء)، ووادي رم (يتضمن سفاري وعشاء).
وأكدت أن "المرور عبر الحدود اللبنانية سلس ولا مشكلات، على الحدود السورية يتم التفتيش لكن ليس هناك تضييق وهي آمنة، والحدود الأردنية منظمة جداً".
لا شك أن الوضع المالي قد أثر على سفر اللبنانيين الى الخارج للسياحة لكن، المفاجئ في الأمر أن هناك إنفاقاً سياحياً كبيراً، فالذين كانوا يعملون ويخبئون قرشهم الأبيض باتوا اليوم ينفقون ليستمتعوا بحياتهم بعد أن خسروا ما خسروه في المصارف، من دون إغفال أن الكثير من الموظفين باتوا يقبضون رواتبهم بالفريش دولار ما عزز قدرتهم الشرائية. الى هذين العاملين يضاف حب اللبنانيين للحياة الذي يدفعهم دوماً للبحث عن الفرح و المتعة أينما وجدت.