تعرضت السفارة الأميركية في عوكر أمس لهجوم مسلح هو الثاني خلال أقل من عام، لكنه حمل هذه المرة بصمات تتصل بتداعيات حرب غزة. وكشف الهجوم في الوقت نفسه عن تنامي خطر التطرف الوافد مجدداً الى لبنان .وفي المقابل، جاء التحرك السريع للأجهزة الأمنية في محيط السفارة في جبل لبنان، وفي البقاع الشرقي من حيث وفد المهاجم، ليسلط الضوء على أهمية تنمية المناعة الأمنية وسط فلتان يأخذ لبنان الى متاهات حروب يختلط فيها حابل الإقليمي بنابل الدولي.
وكتبت" النهار" ان محاولة الاعتداء على السفارة الأميركية في عوكر، فشكلت تطوراً امنياً لافتاً في ظل الغموض الذي ساد المعلومات أول الأمر عن عدد الذين تورطوا في اطلاق النار على السفارة، ومن ثم تبين أن مسلحاً واحداً أطلق النار وتمكّن الجيش اللبناني من اطلاق النار عليه وتوقيفه. وتحدثت المعلومات عن أن 4 مهاجمين شاركوا في الاعتداء أحدهم قاد السيارة التي أقلّتهم للمكان و3 أطلقوا النيران. وقال مصدر قضائي أن مطلق النار على السفارة الأميركية قال إنه فعل ذلك "نصرة لـ"غزة". وأفيد أن سترته كانت تحمل شعار "داعش" وأن العبارات المدوّنة على جعبة وملابس منفذ الهجوم هي: "الدولة الإسلامية، الذئاب المنفردة، لا غالب إلا الله".
على الاثر، أفيد أن مديرية أمن الدولة في البقاع بالتنسيق مع مديرية المخابرات وفي عملية خاطفة ونوعية في بلدة مجدل عنجر، تمكنت من توقيف شقيق مطلق النار على السفارة وهو من الجنسية السورية وأودع السلطات المختصة وبوشرت التحقيقات. وأفادت المعلومات الأمنية أنه تم العثور على عبوات متفجرة ومواد لصناعة قنبلة في منزل قتادة الفراج أخ مُطلق النار على السفارة الأميركية.
وتأتي عملية التسليم هذه بعد مداهمات عدّة في بلدة مجدل عنجر نفذتها مديرية أمن الدولة في البقاع بالتنسيق مع مديرية المخابرات من دون التمكن من العثور عليه.
وتبين لاحقاً أن مطلق النار على السفارة يدعى قيس فراج، سوري الجنسية، ويقيم في بلدة الصويري واستمع فرع المعلومات الى والده بعد توقيف شقيقه.
وذكر أن مديرية المخابرات في البقاع تسلمت الشيخ مالك جحة للاشتباه بتورطه في الحادث، بعدما لجأ إلى إحدى الجهات النافذة في المنطقة. وتم توقيف الشيخ مالك جحة إمام مسجد أبو بكر الصديق في مجدل عنجر، وقيس الفراج كان يتلقى تعليماً دينياً منه. وأفيد أيضاً أن مطلق النار على السفارة الاميركية قيس الفراج مسجل في مفوضية اللاجئين.
وأعلنت قيادة الجيش مساء أمس أنها في إطار ملاحقة المتورطين في الاعتداء المسلح على السفارة الأميركية في منطقة عوكر، دهمت دورية من مديرية المخابرات ووحدة من الجيش عددًا من المنازل في بلدتَي الصويري ومجدل عنجر - البقاع الغربي وأوقفت السوري (ع.ج.) والمواطن (ا.ز.) للاشتباه بعلاقتهما بالسوري (ق.ف.) مطلق النار على السفارة، و3 من أفراد عائلته.
وكانت السفارة الأميركية في لبنان أعلنت أنها "تعرضت لعملية إطلاق نار من أسلحة خفيفة وأنه بفضل التدخل السريع للجيش وفريق أمن السفارة، لم يتم تسجيل أي إصابات بين موظفي السفارة". وأشارت إلى أن التحقيقات جارية والاتصالات مستمرة مع السلطات اللبنانية بشأن أي جديد. وأوصت مواطنيها بتجنب السفر إلى حدود لبنان مع إسرائيل وسوريا ومخيمات اللاجئين وتجنب التظاهرات وأي تجمعات. وأعلنت أنها ستبقى مغلقة أمام الجمهور لبقية يوم أمس، لكنها تعتزم فتح أبوابها اليوم.
وذكرت «الأخبار» أنّ حصيلة الموقوفين بلغت ثمانية، بينهم والد فراج وشقيقه. وذكرت المصادر أنّ شقيق مطلق النار الذي يعمل بلّاطاً لدى أحد ضباط أمن الدولة سلّم نفسه، وبعد تفتيش منزله عُثر فيه على كلاشينكوف مع حربة وخمسة مماشط وثلاثين رصاصة. أما بقية الموقوفين فهم من أقارب فراج وأصدقائه، جرى توقيفهم بين مجدل عنجر والصويري. وأكّدت المعلومات الأمنية أن لا تفاصيل بعد حول انتماء فراج إلى أي تنظيم متشدّد، مشيرة إلى أنّ الشعارات التي كتبها على عتاده العسكري تفيد بأنّه قد يكون ذا ميول سلفية.
ورفض مصدر أمني رفيع المستوى التسرع باتهام التنظيم عملانياً بتدبير الهجوم، لكنه جزم لـ«الشرق الأوسط» بأن بصمات فكر «داعش» المتطرف موجودة في تفاصيل الهجوم وتحضيراته.
وأفادت معلومات أمنية بأن «خلف الاعتداء على السفارة الأميركية خلية أمنية متشددة مؤلفة من لبنانيين اثنين وعدد من السوريين، وقد تم توقيف أحد اللبنانيين وأصبح بعهدة الأجهزة الأمنية، بينما لاذ الآخر بالفرار إلى جهة مجهولة وهو مطلوب للعدالة وينتمي إلى تنظيم (القاعدة)».