تتواصل التحقيقات في ملف الهجوم على السفارة الاميركية في عوكر، ووفقا للمعلومات ، فان منفذ الهجوم قيس فراج
استطلع السفارة عبر «غوغل»، ولم يحضر الى محيط السفارة من قبل، واستاجر الفان بـ 50 دولارا، ووصف نفسه «بالذئب المنفرد» المنتمي الى تنظيم «داعش»، واشار الى انه اشترى السلاح والذخائر من امواله الخاصة. وقد فتح هذا الهجوم ملف النازحين السوريين، خصوصا ان المنفذ مسجل على لوائح المنظمة الدولية التي تحجب المعلومات عن السلطات اللبنانية، وهذا ما يحتم زيادة الضغوط عليها لتسليم «الداتا» كاملة، بحسب " الديار".
وأظهرت التحقيقات الأولية مع مطلق النار على السفارة الأميركية في بيروت أنه لا يرتبط بخلية متطرفة، وأنه قام بفعلته بمفرده بعيداً عن أي اعتداء منظم، وفق ما قالته مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط». وأكدت المصادر في المقابل «أن حملة المداهمات في منطقة مجدل عنجر في البقاع مستمرة، والتحقيقات متواصلة مع عدد من الأشخاص الذين أوقفوا إثر الاعتداء، بينهم إمام جامع البلدة، السوري الجنسية، الشيخ عبد المالك موفق جحا، لكن لا يعني أن جميعهم مرتبطون بالاعتداء، ويتم إطلاق سراح من لا تثبت إدانته».
وكتب احمد الايوبي في" نداء الوطن": تبرز نظريتان في مقاربة هذا الحدث:
النظرية الأولى: أن يكون قيس مدفوعاً من مشغّلين تمكنوا من تطويعه واستغلاله حتى يصل إلى نقطة التماس عند جدران السفارة الأميركية، وهنا يجب البحث عن المستفيد والمستثمر المحتمل لهذا النوع من العمليات في ظلّ تصاعد التوتر في لبنان داخليّاً وعلى جبهة الجنوب.
النظرية الثانية: هي أن يكون قيس قد تحرّك بدافع ذاتي ناتج عن ما يرى أنّه تواطؤ أميركي مع جرائم الإبادة الإسرائيلية بحقّ الشعب الفلسطيني في غزة، وهذا احتمال وارد بقوة، لكن تشوبه كتابة الشعارات الداعشية على خوذته باللغة الإنكليزية وإلصاق إسم «الدولة الإسلامية» على لباسه، فلو كان شخصاً متأثّراً فقط بالوضع الفلسطيني ما كان ليحتاج إلى مثل هذه الشعارات.
برز خطر آخر في كون قيس يحمل الجنسية السورية، وهذا ما هدّد بإعادة إشعال الفتنة بين اللاجئين السوريين وبين اللبنانيين، على غرار ما حصل بعد عملية اغتيال باسكال سليمان، وهنا يزداد منسوب المخاطر لأنّ هناك من يريد فعلاً وقوع هذا الصدام، واستثمر في سبيل حصوله ولكنّه لم ينجح حتى الساعة.
وإذا أردنا الربط بين الأحداث، فلا بدّ من التوقف عند إلقاء الجيش اللبناني القبض على مجموعة فتيان وشبّان في منطقة البداوي، بعضهم متأثر بأفكار متطرّفة وقام بأعمال مخلّة بالأمن، وتحرّك على مستوى فردي، حيث لا صلة لهم بتنظيمات إرهابية، لكنّ هذا يفتح الباب لنشوء حالات محلية تختلط فيها أعمال التشبيح بالتطرّف، وهو ما يُعرف بـ»الإحتطاب» الذي يجيز بموجبه هؤلاء لأنفسهم أن يقوموا بأعمال السطو والسلب لتمويل حركتهم الأمنية.
وكتبت روزانا بو منصف في" النهار": هل ثمة إعداد لمرحلة ما تنطوي على التحضير لبروز التنظيم في لبنان وتوظيف ذلك؟ والمسلح الذي أتى من عنجر في البقاع هو من الجنسية السورية ومسجل لدى مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة ما يثير بدوره علامات استفهام متعددة بدءا من اقتنائه السلاح والاموال لتنقلاته وليس اقلها الهدف الذي قال المسلح انه هاجم السفارة الاميركية من اجله أي "نصرة لغزة"، ما عزز الاعتقاد ان الامر مدبر وليس بريئا، اذ انه يسيء الى القضية الفلسطينية فيما ان التظاهرات الطالبية وغير الطالبية في الولايات المتحدة ضاغطة من اجل دعم الفلسطينيين. وهذا لا يمكن محاكاته في اي مكان خصوصا بعمليات ارهابية من المرجح ان تعطي مفعولا عكسيا وتسيء اكثر مما تخدم. ولذلك فان الترجيح الاساسي كان التخوف من رسالة لعرقلة او التشويش على الجهود للتهدئة ووقف النار لوجود متضررين من ذلك او رغبة في حجز مقعد ما في هذا السياق.
ولكن السياق الاقليمي لا يحجب المخاوف من اهداف داخلية او توظيف لأهداف داخلية بدءا من الزيارة المرتقبة لقائد الجيش العماد جوزف عون الى واشنطن وصولا الى تأكيد مخاوف قوى لبنانية عدة من ان اللاجئين السوريين او عددا كبيرا منهم يمكن ان يشكلوا قنابل موقوتة يمكن ان تنفجر في اي لحظة في لبنان لاعتبارات مختلفة. ونموذج مطلق النار على السفارة الاميركية مثال لا يمكن دحضه او تجاهله إنْ لجهة توظيفه من اطراف ما او لجهة تهديده مصالح لبنان خدمة لأطراف ما فيما يصر لبنان بقوة على الخطورة التي يمثلها العدد الهائل من اللاجئين السوريين في لبنان. فاهتزاز الاستقرار الداخلي سيشكل عاملا اضافيا للخارج من اجل الضغط في اتجاه انهاء حال المراوحة والتعطيل باعتبار ان الاستقرار هو حاليا الخط الاحمر الذي لا يحتمل احد ان يتم تجاوزه في لبنان في هذه المرحلة. ومن هنا التساؤل عن عملية مدروسة بمطلق وحيد للنار يوجه رسالة ولا يهز استقرارا امنيا بحيث يؤدي الى تغيير في المعادلة التي يلعب من ضمنها اللاعبون المؤثرون.
سيكون مفاجئا جدا اذا كُشف للرأي العام اللبناني، وليس للجانب الاميركي الذي سيعرف كل الحقائق بطبيعة الحال، المحرك الحقيقي وراء اطلاق النار غير اللغة الخشبية المعتادة.