أزمة سياسية جدية تعصف بلبنان وتضع معظم القوى السياسية في مأزق شبه وجودي في ظلّ ضبابية الرؤية سواء بما يتعلّق بالمرحلة القليلة المقبلة، أي لجهة ذهاب البلاد الى تصعيد كبير من عدمه، أو بما يتعلّق بمرحلة ما بعد الحرب. والسؤال الذي يعجز أحد عن الاجابة عنه اليوم يتركّز حول مصير لبنان السياسي في الأيام المقبلة.
وفق مصادر سياسية مطّلعة فإنّ الأزمة الكبرى التي تضرب دوائر القرار لدى غالبية القوى السياسية اللبنانية تطال أيضاً، وبطبيعة الحال، القوى السياسية المسيحية التي لا تملك العديد من الخيارات للتعايش مع المرحلة المقبلة والتطورات السياسية التي لا بدّ من حصولها.
وتعتقد المصادر أن أزمة القوى السياسية المسيحية أكبر من أزمة باقي المكوّنات، لأن هذه القوى تُعاني فعلاً من عقدة التوحّد في ما بينها، إذ إن حالة التشرذم باتت تطغى مؤخراً على واقعها مقارنة بالطوائف الأخرى، لذلك فإن استحصالها على مكاسب سياسية في المرحلة المقبلة قد يكون أكثر صعوبة.
وتقول المصادر، أن ثمة أزمة أخرى تضاف الى تأزّم الواقع المسيحي في لبنان، وذلك على مستوى التحالفات، فالقوى السياسية المسيحية التي لم تعقد تحالفات مع قوى اخرى من خارج الطائفة ، تواجه اليوم أيضاً عقبات كبرى. ولعلّ "التيار الوطني الحر" مثال على ذلك، فهو لم يبنِ أي تحالفات جدية مع أحزاب وقوى اسلامية، حتى تحالفه الثابت مع "حزب الله" فرّط به خلال الأشهر الاولى للحرب الدائرة في قطاع غزّة والتي تزامنت مع فتح جبهة الجنوب إسناداً للمقاومة الفلسطينية، وذلك بعد جملة خطابات تصعيدية صوّب من خلالها رئيس "التيار" جبران باسيل سهامه باتجاه "حزب الله" وقطع بها شعرة التقارب.
كذلك، فإن "القوات اللبنانية" تفتقر اليوم الى تحالفات جدية من خارج البيوت المسيحية، حتى أن علاقتها "بالحزب التقدمي الاشتراكي" باتت تندثر رويداً رويداً بعد أن أرخى "أبو تيمور" يده وتموضع سياسياً في مكان مختلف كلياً.
وعليه، فإنّ التحدّي الحقيقي يضرب في القوى السياسية المسيحية، وربما لا يزال أمامها متّسع من الوقت لاستعادة المبادرة من خلال فتح باب التواصل مع الساحة المسيحية وخارجها ما يؤمّن لها امكانية تحسين شروطها التفاوضية في المرحلة المقبلة.