شدد حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري على أن "المركزي" يعمل على إرساء حالة من الاستقرار في انتظار حلول كبرى تتطلب إجراءات من القوى السياسية، وقال «ما زلنا نعمل جاهدين لمنع إدراج لبنان على اللائحة الرمادية».
واستعرض اجراءات المصرف المركزي وسعي لبنان لتخطي صعوبات ابرزها ادراجه في العام 2000 من قبل مجموعة العمل المالي لمكافحة تبييض الاموال على قائمة الدول غير المتعاونة.
وأوضحَ منصوري أن مصرف لبنان «أصدر التعميم 165 الذي أتاح فتح حسابات جديدة بالأموال النقدية بالدولار والليرة، لاستعمالها لتسوية التحاويل المصرفية الإلكتروية الخاصة بالأموال النقدية، وتسوية مقاصة الشيكات التي يتم تداولها أيضاً بالأموال النقدية، مما يحد من محاولات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ويحجِّم الاقتصاد النقدي. كما يعمل مصرف لبنان على تطبيق إجراءات لتعزيز استخدام وسائل الدفع الإلكترونية، بهدف تقليل الاعتماد على النقد في السوق اللبناني. وتتماشى هذه المبادرات مع المعايير الدولية، لا سيما تلك التي تهدف إلى مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب».
وفي هذا السياق كتبت" اللواء: بدا ان القطاع المالي والمصرفي يواجه معركة مع مجموعة العمل المالي (FATF) لمنع ادراجه على اللائحة الرمادية، على خلفية المضي باعتماد الاقتصاد النقدي، والذي يشكل مستنقعا لنمو الجرائم المالية.. مما يهدد بوضع النظام المالي تحت مراقبة جديدة قد تحيله مستقبلا الى القائمة السوداء.
وكتبت" الديار": يتصاعد خطر وضع لبنان على «اللائحة الرمادية، ووفقا لمصادر مطلعة، فقد لمس عدد من المتابعين للملف تراجع تفاؤل المصرف المركزي بامكانية ابعاد لبنان عن هذا «الكأس المر»، بعدما وردت مؤشرات الى بيروت، بان ما قدم حتى الان لا يبدو كافيا في ظل عدم نجاح القطاع المصرفي في استعادة ثقة المودعين، وبقاء الكثير من العمليات المالية ضمن اقتصاد «الكاش» الذي يسمح بعمليات تبييض الاموال.
وكتبت سابين عويس في" النهار": في تقريرها الصادر قبل يومين تحت عنوان فرعي "لُبْنان رأساً على عقب"، تقدم وكالة "ستاندرد أند بورز" سيناريو تراجع فيه التوقعات حول استقرار أو رفع تصنيف العملة المحلية. فالحكومة لا تزال متخلفة عن سداد التزاماتها بالعملات الأجنبية، بعدما أعلنت عام 2020 أنها ستوقف المدفوعات المتعلقة بسنداتها الأوروبية المقوّمة بالعملة الأجنبية، فيما لا تزال الإصلاحات لاستعادة الانتعاش الاقتصادي والخروج من التخلف عن السداد متوقفة بسبب البيئة السياسية والقدرة القانونية المحدودة لحكومة تصريف الأعمال على إحالة مشاريع القوانين، والتأخير في تعيين المسؤولين الرئيسيين، بما في ذلك رئيس جديد للبلاد وحاكم للمصرف المركزي.
لا تغفل الوكالة الإشارة إلى الاتفاق مع صندوق النقد الدولي مشيرة إلى أنه يجب على لبنان تنفيذ مجموعة من الإصلاحات كشرط مسبق لموافقة مجلس إدارة الصندوق على البرنامج الموسع. وتشمل الإصلاحات موافقة مجلس الوزراء على خطة إعادة هيكلة القطاع المصرفي واستراتيجية متوسطة الأجل لإعادة هيكلة الديون والمالية والموافقة البرلمانية على تشريع القوانين العالقة ولا سيما قانون السرية المصرفية، والتقييم الخارجي لأكبر 14 مصرفاً، ومراجعة وضع الأصول الأجنبية للمصرف المركزي، وتوحيد أسعار الصرف المتعددة في الاقتصاد. تتفهم الوكالة أنه تم تنفيذ مراجعة حسابات المصارف التجارية ووضع الأصول الأجنبية للمركزي واعتماد الأخير سعر صرف موحداً في وقت سابق من هذا العام، ظل أقرب إلى سعر السوق. ومع ذلك، لا يزال التقدم المحرز في القطاع المصرفي وإعادة هيكلة الديون محدوداً.
إضافة إلى الصعوبات الكبيرة التي واجهها لبنان على مدى السنوات الأربع الماضية، خلقت الآثار غير المباشرة للحرب بين إسرائيل وحماس توترات إقليمية وزادت من المخاطر الأمنية. كذلك تتبادل إسرائيل و"حزب الله" إطلاق النار على الحدود الجنوبية للبنان. وفي رأي الوكالة إن تهديد الصراع المباشر الأوسع بين البلدين لا يزال مرتفعاً بعد اغتيال إسرائيل أحد كبار قادة "حزب الله" في بيروت.
أما بالنسبة إلى التوقعات، فقد أشارت الوكالة إلى أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت 210% في 2024 بعدما كانت 160% في 2019، لكن الدين بالعملة الأجنبية ارتفع من 40% إلى 97%. كما أشارت إلى أن الحكومة كانت قد توقفت عن سداد فوائد الدين لمصرف لبنان في 2021، لكنها عادت إلى تسديد مدفوعات الفوائد لعام 2024 وأنها تنوي تسديد متأخرات 2021-2023 اعتباراً من عام 2025، ما يعني أن إنفاق الحكومة على الفوائد سيكون أكبر من 10% من إيرادات الحكومة في الفترة ما بين 2024-2027، وهذا الالتزام لا يُحتسب ضمن تصنيفات الوكالة التي تعتبر أن مصرف لبنان دائن غير تجاري.
وقدرت الوكالة قيمة احتياطات النقد الأجنبي، بما فيها الذهب، باستثناء سندات اليوروبوندز، بـ32.5 مليار دولار في 15 تموز 2024، مقابل 52 مليار دولار في نهاية عام 2017، مشيرة إلى أن الاحتياطيات القابلة للاستخدام ستبلغ 18 مليار دولار في نهاية 2024، رغم أنه لا يمكن استعمال الذهب من دون قانون يصدر عن المجلس النيابي. كما توقعت أن ينخفض التضخم بسبب معدلات الدولرة المرتفعة للغاية، واستقرار الليرة، علماً بأن التضخّم الأساسي كان مرتفعاً. لكنها حذرت من أن استمرار الوضع الحالي سيرفع قيمة الدولار مقابل الليرة إلى 151 ألف ليرة في 2027.
وبناءً على ذلك، توقعت أن ينكمش الاقتصاد اللبناني خلال الفترة 2024-2025 بمتوسط 1٪سنوياً، بسبب ضعف ثقة المستثمرين، والاضطرابات في النشاط التجاري، وتأثير اللاجئين داخلياً، وانخفاض تدفقات السياحة. كما أن الاستقرار الاجتماعي في البلاد لا يزال هشاً وسط التشرذم والفراغ السياسيين. ومع استمرار الاضطرابات السياسية والاقتصادية والانخفاض الحاد في قيمة الليرة منذ عام 2020، تقلص حجم الاقتصاد إلى ما يقدر بنحو 16 مليار دولار في عام 2023 من 53 مليار دولار في عام 2017