عندما قرر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي صباح الثلاثاء الفائت الغاء جلسة مجلس الوزراء والتوجه على عجل الى نيويورك لاجراء اتصالات ولقاءات ديبلوماسية خلال انعقاد الجمعية العمومية للامم المتحدة، كان يدرك ان الجو الدولي والعربي بدأ يلاقي المطالبة اللبنانية بوقف فوري للعدوان الاسرائيلي على لبنان، فاراد تكثيف اتصالاته الديبلوماسية "من قلب الحدث الاممي".
وما عزز هذا الجو دعوة فرنسا مجلس الامن الدولي الى الانعقاد، بعدما بلغ التصعيد الاسرائيلي ضد لبنان مستويات غير مسبوقة، قتلا وتدميرا وتشريدا.
ونسّق رئيس الحكومة مسبقا تحركه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تواصل بدوره من "حزب الله". كما اجتمع مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ثم عقد اجتماعا مع وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن والموفد الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين، سبقه اجتماع ثنائي مطول مع هوكشتاين.
كذلك اجتمع رئيس الحكومة مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس الايراني مسعود بزشكيان ورئيس قبرص نيكوس خريستودوليدس، وتشاور هاتفيا مع المستشار الألماني أولاف شولتز.
كما اجتمع مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ثم مع رئيس وزراء اسبانيا بيدرو سانشيز، ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني. كما عقد اجتماعا مع وزير خارجية بريطانيا دافيد لامي.
وبحصيلة الاجتماعات، أصدرت الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي بمبادرة مشتركة، وبدعم من الدول الغربية والعربية، نداء مشتركا لإرساء "وقف مؤقت لإطلاق النار" في لبنان .
وقال الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك "لقد عملنا معا في الأيام الأخيرة على دعوة مشتركة لوقف مؤقت لإطلاق النار لمنح الدبلوماسية فرصة للنجاح وتجنّب مزيد من التصعيد عبر الحدود"، مشيرين إلى أنّ "البيان الذي تفاوضنا عليه بات الآن يحظى بتأييد كلّ من الولايات المتّحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر".
وقال الرئيس الفرنسي في تصريح: "نحن نعمل بشكل جاد للغاية، وكنت قبل قليل مع رئيس الوزراء ميقاتي. أنا قلق للغاية في هذا الوقت حيال ما يحصل في لبنان، ونحن متضامنون تماماً مع شعب لبنان".
وقد عبّر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من نيويورك عن ترحيبه بالنداء. وقال: تبقى العبرة في التطبيق عبر التزام اسرائيل بتنفيذ القرارات الدولية.
وفي كلمة أمام مجلس الامن قال رئيس الحكومة: إنني أتحدث بإسم لبنان، ووجودي هنا ليس لتقديم شكوى فقط ولا لتقديم عرض مفصل عن عدد الشهداء والجرحى والدمار الذي هجر البشر ودمر الحجر، فذلك مثبت للرأي العام العالمي بالصوت والصورة. وإنما وجودي هنا للخروج من هذه الجلسة بحل جدي يقوم على تضافر جهود جميع الدول المشاركة في العمل على الضغط لوقف فوري لإطلاق النار في كل الجبهات ولا سيما جبهة لبنان وعودة الأمن والإستقرار إلى أراضيه.
اضاف: يمكن لهذه المحنة أن تتحول الى فرصة لو قبل الجميع بتنفيذ القرار الصادر عن هذا المجلس أي القرار 1701 لعام 2006 ولو أصرت القوى الكبرى الفاعلة على تطبيقه.
فنحن في لبنان نؤمن بالإستقرار ونعمل من أجله. ونحن من أوائل الدول التي وقعت على ميثاق الأمم المتحدة، وكنا مشاركين فعالين في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من خلال مساهمة مندوبنا الدكتور شارل مالك. إن هذا الإسهام يعكس إلتزام لبنان العميق بالقيم الإنسانية والعدالة الدولية. واليوم، وبإسم هذه القيم التي جمعتنا تحت مظلة الأمم المتحدة، جئنا لنؤكد على حق لبنان في الإستقرار والأمن والأمان، وحقه في السيادة والدفاع عنها، وحقه في إستعادة أراضيه المحتلة.
وختم: إن الأمم المتحدة وُجدت من أجل تعزيز الإستقرار ولكن ما نشهده اليوم هو أن العالم ما زال عاجزاً عن وقف المأساة الإنسانية المستمرة في منطقتنا. لذا، وبإسم الشعب اللبناني نضع مجلسكم الكريم أمام مسؤولياته الكاملة لإتخاذ موقف فوري حاسم ينهي المعاناة المستمرة لشعب دولتنا تمهيداً لتعبيد الطريق أمام الحلول الديبلوماسية، فالوقت لم يعد في صالحنا. نحن نؤمن بدور الأمم المتحدة، ونؤمن بأنكم قادرون على تحقيق التغيير الفعلي عبر إعتماد آليات لحماية الإستقرار ومنع الحرب والدمار في العالم.