لم تكتف إسرائيل خلال حربها على لبنان بتدمير البنى التحتية والأحياء السكنية والمرافق الصحية والمستشفيات فقط، بل أن المواقع الأثرية والثقافية العريقة كان بامكانها أن تكون هدفاً أيضًا بعد تنفيذ غارات اسرائيلية وقعت على بعد حوالي 500 الى 700 متر فقط من قلعة بعلبك الشهيرة.
مدينة بعلبك في سهل البقاع تتعرض كسائر قرى القضاء لغارات إسرائيلية بشكل متكرر في الآونة الأخيرة. وكانت قد استهدفت غارة اسرائيلية منذ أيام محيط قلعة بعلبك الأثرية ما أثار مخاوف من تداعيات العدوان على مواقع لبنان التاريخية.
وفي رد على سؤال لوكالة "فرانس برس" حول القصف الإسرائيلي القريب من القلعة الأثرية، أشار محافظ بعلبك بشير خضر الى أن "الغارة لم تكن في القلعة أو في حرم القلعة".
وحذر خضر من أنه لغارات مماثلة قريبة "أثراً سلبياً" على الموقع الأثري سواء من الدخان الأسود الذي يؤثر على الحجارة، أو من قوة الانفجار الذي قد تؤثر ارتجاجاته على الموقع حتى لو لم يتم استهدافه مباشرة.
وكان وزير الثقافة محمد وسام المرتضى قد وجه كتاباً الى منظمة الأونيسكو الدولية بواسطة رئيس البعثة الدائمة للبنان لدى هذه المنظّمة السفير مصطفى اديب، وايضاً بواسطة المكتب الإقليمي للأونيسكو في بيروت، عرض لها فيه خطر الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان والهجمات التي قام بها الطيران الحربي الاسرائيلي بالقرب من قلعة بعلبك وطالبها باجراء ما يلزم وبالتقدّم بالشكاوى امام المراجع المختصّة.
وجاء في كتاب المرتضى: "إننا نتطلّع لأن تعمد منظّمة اليونسكو، بصفتها الحامية للتراث العالمي، الى اتخاذ خطوات عاجلة وإجراءات ملموسة لحماية هذا الموقع التاريخي من التهديدات التي يتعرض لها".
وأشار، إلى أن "حماية التراث الثقافي للبشرية واجب مشترك يتطلب منا جميعاً بذل كل جهد ممكن للحفاظ عليه من الدمار".
ان المخاوف الكبرى والتساؤلات اليوم تدور حول إمكانية قيام إسرائيل باستهداف الاماكن التاريخية في لبنان كما فعلت بقطاع غزة ونجحت بطمس التاريخ والجغرافيا في مخطط قديم لمحو الذاكرة والهوية الفلسطينية واستبدالها بأخرى، حيث استهدفت الكثير من المواقع الأثرية والتاريخية والمقدسات الدينية في القطاع،وذلك باعتراف منظمة "عمق شبيه" الإسرائيلية المختصة بشؤون الآثار التي قالت إن حرب إسرائيل على غزة أدت إلى تدمير مئات المواقع الأثرية والتاريخية داخلها.
فتدمير الممتلكات الثقافية لا ينطوي على تدمير أماكن تاريخية وثقافية بل هو تدمير لهوية مجتمع بأسره، ولا فرق بين احترام كرامة السكان واحترام ثقافتهم.
تعتبر بعلبك بمبانيها الضخمة من أهم آثار الهندسة الرومانية الإمبراطورية وهي في أوج ذروتها. وتعود هذه القلعة الاثرية إلى الحقبة الرومانية، مدرجة على قائمة اليونسكو منذ عام 1984. فكل أملنا اليوم أن تبقى صامدة لنقوم بزيارتها بعد نهاية الحرب.