منذ انتشارها في جنوب لبنان عام 1978، شهدت قوات "اليونيفيل" على الحرب والسلم، ولدى كل مواجهة عسكرية تجد نفسها معرضة للنيران الإسرائيلية، التي تُمارس أقصى أشكال الضغط من أجل منعها من أداء مهمة المراقبة.
الأمر هذا يمثل اعتداء على نحو صارخ، كما يحصل في الأيام الأخيرة، وسبق له أن حدث في الحروب السابقة، خصوصاً في حرب 2006 التي تعرّضت فيها هذه القوات لاعتداءات كثيرة.
ويتحدث تقريرٌ نشره موقع "العربي الجديد" عن مواقف أطلقها القائد السابق لليونيفيل الجنرال الفرنسي آلان بيلغريني الذي تحدث عن تجربته في لبنان لاسيما خلال أحداث حرب عام 2006.
وسجّل بيلغريني في كتاب "صيف من نار: 2006 كواليس نزاع معلن" تجربته كقائد للقوات الدولية في جنوب لبنان، وفي مجمل مهمته في لبنان التي امتدّت سبعة أعوام منذ عام 2000 عندما انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان، وعاش خلالها حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، التي دامت 34 يوماً، وانتهت إلى قرار مجلس الأمن الدولي 1701 لوقف الأعمال العدائية.
حرب 2006
يقول التكليف الأممي لقوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان إن مهمتها مؤقتة، على الرغم من أن مدة انتشارها تقترب من نصف قرن، وزاد عديدها من أجل الإحاطة بالتطورات في هذه المنطقة التي شهدت حروباً عدّة، ومنها اجتياح عام 1982 وحرب 2006 وغيرهما.
وعلى العموم، لم تكن مهمة اليونيفيل سهلة، وتعرضت لانتقادات من كل الجهات، البعض لامَها على عدم تدخلها ووقفها للقصف، ومساندتها للسكان، بل ثمّة من يرى أن تعقُّد الأمور في قسم كبير منه راجع إلى مسؤولية هذه القوات الدولية، في حين "أن إسرائيل لم تتردد في اتهامنا بالتواطؤ مع حزب الله"، على حد تعبير بيليغريني.
قنبلة موقوتة
يرى بيليغريني أن القوات الإسرائيلية التي انسحبت من لبنان عام 2000 تركت قنبلة موقوتة اسمها مزارع شبعا، مشيراً إلى أن دور القوات الأممية لم يكن "يتمثل في ترسيم الحدود الدولية اللبنانية، بل في رسم الخط الأزرق من خلال العودة إلى الخرائط الموجودة من قبل من أجل تثبيت خط انسحاب إسرائيل".
وفي هذه الفترة لم يتوقف حزب الله عن التسلح، بل ظل الصراع محتدماً، وهكذا يوم السبت 7 تشرين الأول 2000، أسر حزب الله ثلاثة جنود إسرائيليين بالقرب من مزارع شبعا، وفي يوم 16 تشرين الأول من ذلك العام، أعلن عن أسر كولونيل إسرائيلي "الذي اختطف في دبي وأحضر إلى لبنان".
وبعد مفاوضات طويلة تم تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل، ثم تكررت العمليات بخطف جنديين إسرائيليين، يوم 12 تموز 2006 بالقرب من عيتا الشعب، وهي التي قادت إلى الحرب.
بالنسلة لبيليغريني، فإن "حزب الله" استهلك خلال تلك الحرب قسماً كبيراً من ترسانته من القذائف والصواريخ، لكنه حافظ، بالتأكيد، على جناحه العسكري ومجموع وسائله العسكرية، معتبراً أن الحزب يظلّ الأقوى والمهمين على الحياة السياسية اللبنانية حتى هذه اللحظة.
وأكد بيليغريني أن الأمم المتحدة ستواصل عملها في جنوب لبنان، مشيراً إلى أن "دورها يظل محلياً ولكنه دور لا يمكن تجاهله"، وأضاف: "القوات الدولية لا تشارك في التطورات الكبرى لكنها تساعد في الحفاظ على السلام والأمن في منطقة عملياتها. بالتأكيد إن القوات الدولية لا تستطيع منع صراع جديد بين لبنان وإسرائيل، لكنها ستكون قادرة على إطلاق رصاصات تحذيرية في وجه المعتدي، وتسجيل تصميم الأمم المتحدة على معارضة كل مواجهة". (العربي الجديد)