من الواضح ان اسرائيل تقوم بخطوات توحي بأنها تحضر لشيء ما في الميدان، فالجيش الاسرائيلي يسحب جزءا لا بأس به من قواته المقاتلة على محاور الجنوب من دون ان يكون هناك فتح لمحاور جديدة، اقله حتى الآن، وهذا يعني ان الاشتباكات المباشرة بين الالوية الاسرائيلية وعناصر "حزب الله" ستتراجع بشكل كبير في المرحلة المقبلة.
عندما اطلقت تل ابيب العملية البرية ارادت تحقيق نصر كبير، وعمليا كان طموح رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الوصول الى الليطاني والسيطرة الكاملة على منطقة تصل الى ٣ او ٥ كلمترات تكون منطقة عازلة، وما شجعه على ذلك هو نجاح عمليات الاغتيال ما يجعل صمود الحزب جنوبا شبه مستحيل، لكن التطورات البرية والميدانية جاءت عكس ذلك.
تعرضت اسرائيل لخسائر كبيرة جدا، فقد اعترفت بعشرات القتلى وبنحو ٦٠٠ جريح، وهو رقم قياسي جعل الالوية الاسرائيلية مهددة بعدم التوازن القتالي، كل ذلك استفاد منه "حزب الله" ونقل الضغط بإتجاه تل ابيب بعد ان كان في الايام الاولى من المعركة ضغطاً احادي الجانب يتعرض له الحزب وبيئته، لكن من الواضح ان اسرائيل تريد سلب الحزب هذه الورقة من خلال الانسحاب من الجنوب وايقاف العملية البرية.
تريد اسرائيل التخلص من الاستنزاف اليومي الكبير وغير المسبوق والذي لا يمكن تحمله، لذلك فإنها لم تعد ترغب بإكمال العملية البرية، او اقله هذا هو الظاهر، في مقابل ذلك فهي تستطيع اطالة الحرب كما يرغب نتنياهو، فالحرب ستكون عندها من جانب واحد، اي ان اسرائيل وحدها من سيتمكن من القيام بمجازر وتدمير ابنية وبنى تحتية، في المقابل لن يتمكن الحزب بشكل جدي من إيلام تل ابيب الا من خلال استمرار تهجير المستوطنين.
في الاسبوع المقبل سيكون نتيناهو امام فرصة الضغط الاخيرة التي لا سقوف لها، لكن بعد ذلك سيعود الى شكل الحرب المضبوطة اميركياً، لكن هذا ما سيؤدي الى اطالة الحرب بشكل كبير اذا لم تتألم اسرائيل عملياً، او لم تتحرك الجبهة الداخلية الاسرائيلية ضد نتنياهو.
كل ذلك يعتمد على ما ستؤول اليه المفاوضات الحاصلة في قطر، حيث يعتبر جزء كبير من المحللين والمتابعين ان نتنياهو لن يكون جاهزا للحل وسيسير بمخططه الاساسي القائم على الحرب الطويلة وجر الولايات المتحدة الاميركية للاشتباك المباشر في الشرق الاوسط مع ايران وحلفائها.