شهد لبنان أمس يوماً دامياً في ظل تصعيد إسرائيلي عنيف استهدف مختلف المناطق اللبنانية، فيما تواصلت التحركات الدولية في محاولة لاحتواء التصعيد، فاجرى الرئيس الأميركي جو بايدن اتصالاً بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بحثا خلاله إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يتيح عودة السكان إلى منازلهم على جانبي الخط الأزرق.
في موازاة ذلك، نقلت عين التينة أجواء إيجابية بعد اتصال تلقته من الإدارة الأميركية بشأن المساعي الدولية للتهدئة.
ويصل الى بيروت اليوم مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، لإجراء مباحثات مع المسؤولين اللبنانيين، وعلى رأسهم الرئيس نبيه بري، بهدف دفع الجهود الدبلوماسية قدماً.
وأجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالا برئيسة وزراء ايطاليا جورجيا ميلوني معبّرا عن "تضامنه ازاء الاعتداء الذي تعرضت له قوات اليونيفيل وادى الى اصابة اربعة جنود ايطاليين".
وقال رئيس الحكومة لميلوني: "أود أن أعرب عن تضامني العميق مع إيطاليا، وآمل الشفاء العاجل للجنود المصابين. إن ما حدث أمر غير مقبول ومع ذلك، فنحن ملتزمون باستكمال التحقيقات وسنطلعك على النتائج فور انتهائها.إن الحكومة اللبنانية تدين هذا الحادث بشدة وستتخذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه التصرفات في المستقبل".
أضاف: "آمل ألا يؤثر هذا الحدث المؤسف على تصميمكم على دعم لبنان أو على دوركم الحيوي في مساعدتنا على تحقيق وقف إطلاق النار".
وكتبت "النهار": حتى لو لم يكن ثبت اغتيال محمد حيدر في الغارة الإسرائيلية المزلزلة على حي فتح الله في البسطة فجر أمس، فإنّ ذلك لم يقلّص أو يقلّل حقيقة مخيفة تتلخّص في أنّ الحرب التي ربما بلغت ذروة عنفها وتوحشها لا تبدو على مشارف نهايتها بل ربما تكون لا تزال بعيدة للغاية عن النهاية.
واتخذ التصعيد الجنوني الذي صب حمم إسرائيل على مناطق بيروت والضاحية الجنوبية والبقاع الشمالي والجنوب بعداً سلبياً زاد قتامة الوضع إذ تزامن التصعيد العنيف في الهجمات الإسرائيلية مع مرور شهرين تماماً على بدء الحرب في 23 أيلول الماضي الأمر الذي زاد المؤشرات لاستبعاد أي تسوية وشيكة أو في فترة قريبة كما كان ساد الاعتقاد لدى زيارة الموفد الأميركي آيموس هوكشتاين لبيروت قبل انتقاله إلى إسرائيل. بذلك كانت حصيلة ذكرى الشهرين كارثية تماماً.
وفي الإحصاءات التي لا تزال تتبدل في كل لحظة تجاوز أمس عدد الشهداء في المجازر الجوالة الـ٦٠ شهيداً بينهم 20 في البسطة وأكثر من 65 جريحاً وأكثر من 25 شهيداً في بلدات في البقاع الشمالي.
ولم يقتصر التطور الحربي التصعيدي على تكثيف موجات عشرات الغارات الإسرائيلية التي تناوبت على دك المزيد من مباني الضاحية والإغارة على بعلبك – الهرمل وما تردد عن اغتيال القيادي العسكري الأكبر راهناً في "حزب الله" فقط بل ان التطورات على ساحة المعركة الميدانية في الجنوب اتخذت بعداً بالغ الخطورة في ظل التوغل البري الواسع الذي حققته القوات الإسرائيلية على المحاور الثلاثة الحدودية في اتجاه التوغل في جنوب الليطاني.
وفي حال ثبات وثبوت هذا التقدم في الساعات المقبلة فإنّه يعني بلا شك أنّ العملية البرية تحقق اختراقات ملموسة بات يصعب تجاهلها وإنكارها، كما أن المغزى السياسي والديباوماسي لهذا التدهور الخطير يختصر بإخفاق متكرر لمشروع وقف النار والتسوية التي أدارها هوكشتاين ولم تنجح بحيث عاد الموفد الأميركي إلى واشنطن ولم يظهر أي مفعول واقعي لتقدم مزعوم في الصيغة او الإطار الذي يعمل عليه.
وكتبت "الأخبار": مع أن مصادر دبلوماسية واصلت بعد الضربة التأكيد أن الجو إيجابي، أشارت إلى أن "المسؤولين في الإدارة الأميركية يؤكدون أن الاتفاق صارَ منجزاً وأن نتنياهو تعهّد بوقف إطلاق النار"، إلا أن أياً من المعنيين لا يملك جواباً حول موعد قبول إسرائيل بالاتفاق، لأن نتنياهو يريد وقفاً لإطلاق النار بتوقيته، وربطاً باعتبارات خاصة به وبالأميركيين، وهذا يعني أن الحرب قد تستمر أقله حتى كانون الثاني المقبل.
ويميل البعض إلى القول إن "نتنياهو قد يكون طلب وقتاً إضافياً لتحقيق بعض التقدم الميداني ليفاوض على هذا الأساس، كأن يضغط على لبنان للقبول ببعض الشروط مقابل انسحابه من بعض القرى، علماً أنه حتى اليوم لم يتمكن من احتلال أي قرية". واستبعدت مصادر مؤيّدة لهذا الرأي أن يكون ما حصل نسفاً للمفاوضات، مشيرة إلى أن العدو الإسرائيلي سيواصل تنفيذ عمليات استهداف حتى قبل ساعة من وقف إطلاق النار متى أتيحت له الفرصة".
وكتبت "الديار": مع نهاية يوم أمس، بدا واضحاً أن التصعيد لا يزال مفتوحاً على كل الاحتمالات. المقاومة أثبتت قدرتها على الصمود في وجه العدوان، بينما تواصل إسرائيل تصعيدها العسكري وسط أفق سياسي غامض. المرحلة المقبلة قد تحمل تطورات أكثر خطورة، في ظل استمرار الاحتلال في عدوانه وجهود المقاومة لمنعه من تحقيق أهدافه.