اكتسبت عودة المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار دلالات بارزة حيث ادّعى على 10 أشخاص جدد وهم مسؤولون أمنيون من الجمارك والجيش والأمن العام وموظفون في المرفأ، على أن يستجوبهم إبتداءً من 7 شباط المقبل، إضافة إلى غراسيا القزي وأسعد الطفيلي المدعى عليهما سابقًا، على أن يُحدّد في المرحلة الثانية مواعيد استدعاء كبار الضبّاط والأمنيين والسياسيين والقضاة، لتكون جلساتهم خلال شهرَي آذار ونيسان.
والمدعى عليهم هم المدير العام للجمارك ريمون خوري، مدير المخابرات السابق العميد المتقاعد إدمون فاضل، العميد المتقاعد في الجمارك عادل فرنسيس، رئيس مكتب الشؤون القانونية والانضباط السابق في المديرية العامة للأمن العام العميد المتقاعد نجم الأحمدية، المدير السابق لمكتب المعلومات في الأمن العام العميد المتقاعد منح صوايا، العميد المتقاعد في الأمن العام محمّد حسن مقلّد، مدير القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان السابق في الجيش العميد المتقاعد مروان عيد، إضافةً إلى 3 موظّفين في المرفأ، هم أحمد قصابيّة ومروان كعكي وربيع سرور (مسؤول أمن العنبر الرقم 12).
وكتبت" النهار":وكانت معلومات أشارت إلى أن المحقق العدلي طارق البيطار يبدأ تحديد جلسات استجواب لعدد من السياسيين والأمنيّين المدعى عليهم في ملف المرفأ.
ولفتت إلى أن إجراء البيطار كان مقرراً منذ 18 أيلول الفائت وتم تأجيله بسبب الحرب الإسرائيلية على لبنان وهو غير مرتبط بالتحولات السياسية.
وكتبت" الاخبار":بعد أكثر من عامين على توقّف التحقيقات في قضيّة انفجار المرفأ الذي وقع في 4 آب 2020، أعاد المحقّق العدلي طارق البيطار تحرك الملف بالادّعاء أمس على 10 أشخاص، من دون أن يكون بمقدوره تسويق «المشروع» أمام النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجّار الذي التقاه في مكتب رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبّود، إذ خرج البيطار من الاجتماع بأجواءٍ سلبية بعد رفض الحجّار أن تتم التبليغات عبر النيابة العامّة التمييزيّة التي تسلّمها بدورها إلى الضابطة العدليّة بغية تنفيذها، لتمسّكه بمفاعيل قرارات سلفه القاضي غسّان عويدات بالطّلب في كانون الثاني 2023 من رئيس وموظّفي قلم النيابة العامّة التمييزيّة وأمانة سر النائب العام لدى محكمة التمييز «عدم استلام أي قرار أو تكليف أو تبليغ أو استنابة أو كتاب أو إحالة أو مذكّرة أو مُراسلة أو مستند من أي نوع صادر عن المحقّق العدلي المكفوف اليدين وغير ذي الصفة، القاضي البيطار»، إضافةً إلى ادّعاء عويدات على الأخير واعتباره مغتصب سُلطة، قبل أن يُخلي سبيل الموقوفين على ذمّة التحقيق في الملف.
وحاول البيطار القفز عن تمنّع الحجّار من التبليغ عبر النيابة العامّة التمييزيّة، بالاستعانة بدائرة المُباشرين القضائيين الذين سيُكلّفون بإرسال مذكّرات التبليغ مباشرةً أو لصقاً إلى المدّعى عليهم والمستدعين، وهو ما يحوّل تحريك الملف الذي يُريده البيطار إلى أشبه بـ«فقاعة» لا تقدّم ولا تؤخّر، إذ تؤكّد مصادر قضائيّة أن المحقّق العدلي لا يستطيع توقيف أي مستدعى، كما لا يُمكنه اتخاذ أي إجراء بحق من يتمنّع عن الحضور، أو إصدار قراره الظني حتّى.
الحجّار ينكبّ على إيجاد حلولٍ قانونيّة تُمكّن القضاء من تصويب مسار التحقيقات بغية فتح هذه القضيّة بطريقة قانونيّة وعلى أُسس صحيحة. وعلى عكس ما تمّ ترويجه بأنّ الحجّار ينوي وضع استقالته على الطّاولة في حال سار البيطار في إجراءاتٍ يعتبرها غير قانونيّة، أشار متابعون إلى أنّ «هذا الأمر لن يحصل. وفيما يُمكن للحجّار أن يتنحّى عن الملف، إلا أنّ هذا السيناريو غير مطروح في المرحلة الحاليّة».
ولأن طريق التوقيفات مقفل وبالتالي لا مفاعيل لإحياء التحقيقات، فإنّ النتيجة الفعلية هي «حركة بلا بركة». فيما يرجّح بعض المتابعين القانونيين عدم إصدار البيطار أي مذكّرة توقيف خلال الأشهر التي حدّدها للاستجواب (شباط وآذار ونيسان) حتّى ولو تغيّب المدّعى عليهم، لأن لا قيمة عمليّة لها، وإنّما سيتريّث بانتظار ختم الملف ليقوم بالتوازي بإصدار مذكّرات التوقيف في من يراه متورّطاً، وهذا لن يكون قبل نهاية نيسان المقبل وبداية أيّار.
ويتوقّع هؤلاء أن يستكمل البيطار تحقيقاته (علماً أنّ قراره صار منجزاً تقريباً)، على أن يقوم بختم التحقيق لإحالته إلى النيابة العامّة التمييزية لإصدار مطالعتها في الأساس. وفي حال تمنّعت عن ذلك، فالأرجح أن يقوم البيطار بتصدير قراره الظني إلى المجلس العدلي بعد أن يذكر تعذّر قيام النيابة بمطالعتها. ولأنّ كل ما يفعله البيطار يُعد سوابق لم يجنح إليها أي قاضٍ حالي أو سابق، لا يملك القانونيون رأياً قاطعاً حول صوابيّة هذا المسار، فيما يتمسّك آخرون بأن لا مجال للقفز عن النيابة العامة التمييزية التي تمثّل الحق العام.
ورغم محاولة البيطار فصل تحقيقاته عن المسار السياسي، يطرح المعنيون في هذا السياق الكثير من الأسئلة التي تدحض روايته، ومن بينها التسريبات حول الملف خلال الحرب عبر «جوقة» تولّت على مواقع التواصل الاجتماعي إشاعة أجواء تُفيد بأن ملف المرفأ سيكون الأوّل الذي سيُفتح بعد انتهاء الحرب، وليس انتهاء بما «أفتى» به النائب جورج عدوان بإشارته إلى أنّ «القرار الظني في ملف المرفأ سيصدر في نيسان». وهي «توقّعات» سُرعان ما تبّينت دقّتها. وعليه، يُصبح السيناريو: إما أنّ «القوات» نصّبت نفسها صاحبة قرار تُملي على البيطار تاريخ ختمه لتحقيقاته، أو على أسوأ تقدير أنّها على تنسيق معه في مجريات تحقيق يُفترض أن يكون سرياً وغير مُسيّس!