أسبوع مر كان حافلاً بالمواقف الأميركية الخاصة بغزة ولبنان. البداية كانت من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أعلن صراحة وجهاراً قبل أيام عن مخططه لقطاع غزة الفلسطيني، مشيراً إلى أنه يجب تحويله بعد الحرب إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" من خلال تهجير سكانه إلى دول أخرى واستثماره في إطار مشاريع مختلفة وبالتالي إنهاء نفوذ حركة "حماس" هناك.
بعد الاعلان عن خطة ترامب لغزة، اتجهت الأنظار إلى تصريح آخر لمبعوثة الرئيس الأميركي إلى لبنان مورغان أورتاغوس يوم الجمعة، حيث قالت من قصر بعبدا إن "حزب الله قد هُزم"، مشيرة إلى أنه لا يجب للأخير أن يشارك في الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها يوم السبت الماضي وبمشاركة وزراء طرحهم "الثنائي الشيعي".
بين غزة ولبنان، يبدو أن "الخطة الترامبية" قد وضعت ثقلها في المنطقة، وما يظهر هو أنّ هناك مساعٍ لاستثمار نتائج الحرب الأخيرة بين لبنان وإسرائيل من جهة وإسرائيل وحركة "حماس" من جهة أخرى لتكريس نفوذ أميركيّ جديد في المنطقة.. فكيف سيتجلى ذلك من خلال غزة؟ وما هي خطة ترامب الفعلية للبنان؟
إنهاءٌ لـ"أدوات إيران"
تعتبر مصادر معنية بالشأن العسكريّ أنَّ أميركا تسعى اليوم لإرساء خطة جديدة أساسها إنهاء نفوذ أدوات محور إيران في المنطقة لاسيما حركة "حماس" في غزة و"حزب الله" في لبنان.
فعلياً، فإن ما يظهر هو أنّ أميركا تريدُ تحجيم "حماس" أكثر من خلال خطة ترامب، وفي حال حصل التهجير الذي كان يلوح في الأفق منذ زمن، عندها فإنّ أميركا ستكون قد وضعت يدها على جانب مهم في البحر الأبيض المتوسط وبالتالي سلب النفوذ الشعبي من يد "حماس".
السيناريو هذا هو الأكثر وروداً من خلال خطة ترامب، لكن المصادر ترى أن تحقيقه صعب المنال لاسيما أنه قد يساهم في فتح حرب جديدة قد تكون "حماس" مستعدة لخوضها بما تبقى لها من قوّة.
أما في لبنان، فإن الأمر لا يختلف كثيراً عن غزة، وما يظهر هو أن خطة ترامب تسعى لتحجيم "حزب الله" سياسياً أكثر بعدما وجدت أنه تم إضعافه عسكرياً.
وتقول المصادر إن صورة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس وهي تحمل صاروخاً إيراني الصنع، كان بمثابة رسالة إلى أن الأميركيين سيطروا على أسلحة "حزب الله" في لبنان، معتبرة أن واقع الحال الآن اختلف تماماً عن السابق، وبات "حزب الله" مطوقاً عسكرياً ودولياً.
وعليه، فإن "حزب الله" أصبح مرهوناً بالرقابة الأميركية، وفق المصادر، ما يضعه ولبنان تحت خانة الاستطلاع الدائم، وأضافت: "الحزب بات مراقباً اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، وعليه فإن الأميركيين يحاولون تطويق نفوذه أكثر فأكثر داخل لبنان وليس بالضرورة فقط على الصعيد العسكري".
انتفاضة "حزب الله" في الشارع.. هل هي واردة؟
الضغط الذي يتعرض له "حزب الله" بين الحين والآخر لا يصطدم حتى الآن بدعوات للتحرك في الشارع كما كان يحصل سابقاً.
المصادر قالت إنّ "حزب الله" لم يصدر أي قرار حتى الآن بالتحرك ضمن الشارع، والدليل الأكبر على ذلك هو تحرك طريق المطار يوم الجمعة إثر تصريحات مورغان الأخيرة، وتردف: "الأعداد لم تكن كثيفة. لو كان الحزب هو من دعا لكان المشهد مختلفاً نوعا ما".
أيضاً، تعتبر المصادر أنّ لجوء "حزب الله" إلى "ورقة الشارع" إنما يفتح الباب أمام مسار تصادميّ داخلي، لكن السؤال الذي يفرض مضمونه هو: "ضدّ من سيكون هذا المسار؟ من سيقاتل حزب الله في حال لم يُقاتله أحد؟".
وفق المصادر، فإن ما قد يفعله "حزب الله" هو التزام الهدوء أكثر خلال المرحلة المقبلة، وهذا السيناريو "الأكثر ترجيحاً" لعدم الدخول في صدام داخلي يزيد من عزلته أكثر، وتتابع: "في السابق، كان حزب الله يقاتل بأوراق قوة مختلفة، أما اليوم فهناك خسائر عليه التعامل معها، وورقة إعمار الجنوب هي الأكثر إيلاماً له. لذلك، عليه الاستفادة من المثل القائل (بدنا ناكل عنب ما بدنا نقتل الناطور) وبالتالي الاستفادة من الدعم الدولي لإعمار الجنوب وعندها لكل حادث حديث".