كتب ميشال نصر في" الديار": فيما يسود التوتر الساحة
الداخلية، مع رمي الثنائي كرة استكمال تطبيق قرار وقف اطلاق النار، على العهد وحكومته، دخلت باريس على خط بيروت - تل أبيب، في محاولة لانقاذ تسويتها
اللبنانية، عبر تأمين انسحاب
كامل من الاراضي
اللبنانية، بما فيها التلال الخمس، وسط اعمال البناء المتسارعة في تلك النقاط، وتجهيزها لاستقبال مئات الجنود لفترة
طويلة، بوصفها استراتيجية لقربها من مستوطنات
الشمال، وامتدادا لخط
الدفاع الذي أنشأته في الجولان، وهي:
- تلة العزية: تبعد ٢ كلم عن الحدود خراج دير سريان، وتشرف على كل من مجرى نهر الليطاني، من المحمودية الى زوطرين، كما تشرف على الجانب اللبناني.
- تلة العويضة: تبعد ١ كلم عن الحدود، وتقع بين العديسة وكفركلا وهي التلة الوحيدة المشرفة على المطلة وباقي المستوطنات الاسرائيلية.
- تلة اللبونة: تبعد ٣٠٠ متر عن الحدود وهي على امتداد
المنطقة خراج علما الشعب والناقورة، وهي عبارة عن مجموعة غابات كثيفة وتشرف على الجهتين
اللبنانية والفلسطينية المحتلة.
- تلة الحمامص: تبعد ١ كلم عن الخط الأزرق - خراج الخيام وتشرف المطلة من جهة
الشمال.
- جبل بلاط: يبعد ١ كلم عن الخط الأزرق بين راميا ومروحين، ويشرف على القطاع الغربي والأوسط من الجهتين.
اشارة الى ان تلك المواقع بعمقها الجغرافي، ستسمح بتحقيق منطقة عازلة غير معلن عنها، فضلا عن احكام اسرائيل سيطرتها بالنار على
كامل المنطقة الممتدة جنوب نهر الليطاني.
في كل الاحوال، تكشف مصادر ديبلوماسية، ان احتلال "اسرائيل" لتلك التلال يبدو مستمراً، بمباركة ودعم من واشنطن، مشيرة الى ان لا خيارات امام
لبنان، الا الرضوخ للقرارات
الدولية، حيث يتوقع ان تصل الى بيروت "مورغان اورتاغوس" نائبة المبعوث الاميركي للشرق الاوسط لمتابعة هذا الملف عن كثب.
وتابعت المصادر، بان الملف الجنوبي تسبب بتوتر على خط باريس - واشنطن، على خلفية اتهام الاخيرة بافشال كل المساعي الفرنسية، وتحريض تل ابيب على الاستمرار في سياستها، وهو ما ادى الى سقوط مقترحين فرنسيين، قضى الاول، بنشر قوات فرنسية عند هذه التلال مقابل انسحاب جيش الاحتلال لم توافق عليه اسرائيل، والثاني، نشر قوة مشتركة من اليونيفيل مع قوة عسكرية اخرى فرنسية او اميركية من خارج القوات
الدولية، وفقا لصيغة واضحة تحت ولاية اللجنة الخماسية التي بامكانها وضع ترتيبات لازمة في هذا الاطار.
واشارت المصادر الى ان فرنسا انطلقت في مبادرتها من تقييم عسكري، رفعه قائد الكتيبة الفرنسية في الجنوب، اعتبر فيه ان لا قيمة عسكرية فعلية للنقاط الخمس، في ظل التقنيات والامكانات التي تمتلكها اسرائيل لناحية المراقبة والمتابعة، الا ان اهميتها ترتبط بعوامل داخلية اسرائيلية ابرزها:
-نفسي معنوي لطمأنة المستوطنين القلقين من العودة.
-سياسي يرتبط بالعلاقة بين نتنياهو وبعض وزرائه المتطرفين الذين يزايدون عليه ويرفضون الانسحاب من التلال الخمس.
وكتب ابراهيم بيرم في" النهار": مع قرب موعد انتهاء المهلة الثانية لانسحابها النهائي المفترض من الجنوب، تبدي إسرائيل إصراراً على الاحتفاظ بخمس نقاط ، " ولو بقوة الأمر الواقع. جغرافيا تقع تلك النقاط الخمس على طول الحدود
اللبنانية والمقدرة بنحو 139 كيلومتراً بدءاً من الناقورة وصولاً إلى الخيام.
وأولى هذه النقاط هي : تلة اللبونة الواقعة في خراج بلدتي الناقورة وعلما الشعب المجاورة، وهي عبارة عن منطقة حرجية كثيفة لا تبعد أكثر من 300 متر عن خط الحدود التاريخي، وتشرف عملياً على كل القطاع الغربي.
أما النقطة الثانية فهي المعروفة بجبل بلاط ويقع بين بلدتي مروحين (صور) وراميا بنت جبيل) وتؤمن الإشراف أيضاً على
كامل القطاع الغربي والأوسط. ومما يذكر أن تلك النقطة لا تبعد أكثر من كيلومتر واحد عن الخط الأزرق.
أما ثالث تلك النقاط فهي تلة العويضة التي تبعد نحو كيلومتر واحد عن الحدود، وهي تقع بين بلدتي العديسة وكفركلا، وأهميتها أنها تشرف على مستوطنة المطلة بالكامل إضافة إلى مستوطنات أخرى.
أما تلة العزية فهي النقطة الرابعة وهي تبعد نحو كيلومترين عن الحدود وتقع في خراج بلدة دیر سریان (مرجعيون الشرقي) وتشرف على مجرى الليطاني من المحمودية إلى الزوطرين.
ونقطة الحمامص هي النقطة الخامسة تقع عمليا في خراج الخيام، وسبق لإسرائيل أن اتخذت هذه النقطة منطلقاً لهجماتها البرية على الخيام خلال معارك الـ 66 يوماً، وهي لا تبعد أكثر من كيلومتر واحد عن الحدود وتشرف على الخيام وسهلها وعلى المطلة.
لا ينكر الخبير الاستراتيجي والممثل السابق لقيادة الجيش في لجنة الناقورة اللواء عبد الرحمن شحيتلي لـ "النهار" أن لهذه النقاط أهمية استراتيجية "لكن للإصرار الإسرائيلي على الاحتفاظ بها على رغم علمها بأن هذا الإجراء يشكل خرقاً فاضحاً لاتفاق وقف النار، ولمندرجات القرار 1701. ويضيف شحيتلي: "في زمن الدرون والمسيرات المتطورة تصير المبررات التي تسوقها إسرائيل الإبقاء سيطرتها على تلك النقاط بلا قيمة، بل إنها تصير ذرائع واهية. وبمعنى آخر فإن ما تريده تل أبيب حقيقة أن تكون هذه التلال بمثابة مسمار جحا" وجسر عبور مستقبلي لفرض اتفاق سياسي على
لبنان، لذا أعتقد جازماً أن جوهر الموضوع ليس كما تزعم إسرائيل لضمان أمنها ومنع تكرار هجمات المقاومة عليها".
ويروي شحيتلي أنه في "أحد اجتماعات لجنة الناقورة عرض علينا ممثل إسرائيل أن تستعيد مزارع شبعا وتلال كفرشوبا في مقابل أمر واحد وهو أن نرفع مستوى التفاوض بيننا وبينهم من تفاوض على مستوى عسكري إلى تفاوض ديبلوماسي ولو بأدنى المستويات. وعليه أنا لا أقف أمام ادعاءات إسرائيل وتبريراتها للاحتفاظ بهذه النقاط، بل أرى أن مقصدها بلوغ مرحلة التفاوض السياسي. وثمة أمر آخر تريده إسرائيل وهو أن ذلك سيؤمن لها حرية الحركة في العمق اللبناني بحيث يصير دخول دورياتها إلى هذه النقاط وتحركها في محيطها ساعة تشاء بمثابة تكريس لمبدأ حرية الحركة لها، ونحن نعلم أن هذا الأمر أصرت عليه إسرائيل في كل مراحل التفاوض لبلوغ اتفاق وقف النار، وفيما ينفي
لبنان قبوله بهذا الأمر ويدحض أن يكون قد ورد في متن الاتفاق، إلا أن الكيان العبري يؤكد أنه أمر مشروع ومكتسب بالنسبة إليه رغم أن ذلك استباحة لسيادة
لبنان. وإذا نجحت إسرائيل في الاحتفاظ بهذه النقاط إنما تكون قد نجحت في إقامة "دفرسوار" آخر . يمهد لاحقا في فتح باب التفاوض السياسي مع
لبنان، وهذا هو جوهر كل مساعيها".