Advertisement

لبنان

"القفزات الأرنبية" لن توصل إلى خطّ النهاية

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
07-03-2025 | 10:50
A-
A+
Doc-P-1330197-638769348356216055.png
Doc-P-1330197-638769348356216055.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
لا يختلف اثنان على أن ما ستواجهه حكومة "الاصلاح والانقاذ" من عراقيل ومشاكل عمرها سنوات، وقد زادت حدتها خلال الحرب المدمرة التي شنتها اسرائيل على لبنان، يصعب حلها بين ليلة وضحاها، أو كما يُقال بكبسة زر. وهذا الواقع يعرفه رئيس الحكومة نواف سلام ويعرفه الوزراء أيضًا، وبالأخص الوزراء: طارق متري وغسان سلامة وياسين جابر، لأنهم سبق لهم أن خبروا ما في السلطة من تعقيدات تتخطى بصعوبتها النوايا الحسنة، وتتجاوز ما يرسمه عادة كل وزير أو مسؤول في بداية عمله، وهم من دون شك يتطلعون إلى ما يعتقدون أنهم قادرون على تحقيق ما عجز الذين سبقوهم عن تحقيقه.
Advertisement

هو أمر طبيعي أن يحلم رئيس الحكومة ومعه الوزراء المتحمسون على انجاز ما لم يُنجز من قبل. ولكن الوقت لن يطول ليكتشفوا أن ما سيواجهونه من مشاكل ومن تعقيدات ادارية روتينية وبيروقراطية هي ابعد من مجرد تطلعات طموحة، لأن الواقع الحالي أكثر تعقيدا مما يعتقده أصحاب الهمم غير المشكوك فيها.

فمن أين سيبدأ الرئيس سلام في معالجاته لأزمات متراكمة منذ سنوات بعيدة، خصوصًا أن ما حاولت حكومة الرئيس ميقاتي القيام به خلال فترة الفراغ الرئاسي، وهي كانت في حكم تصريف الاعمال، قد أدّى في شكل أو في آخر إلى تجميد مفاعيل الانفجار الاجتماعي الكبير بقدر ما سمحت لها الظروف الصعبة، التي كان يمرّ بها لبنان. إلاّ أنها، وإن لم تسعفها تلك الظروف كثيرًا، مهدّت الأرضية لأي حكومة ستأتي بعدها من خلال ما قدمته من مشاريع قوانين إلى مجلس النواب، الذي لم يكن جميع المكونات السياسية متفقة على دوره التشريعي في ظل الفراغ الرئاسي باعتباره هيئة ناخبة؟

قد تكون البداية بالنسبة إلى حكومة لم يمضِ على نيلها الثقة النيابية أكثر من أيام قليلة أصعب من النهاية. فالملفات العالقة كثيرة. كلها مهمة وتتزاحم لتحتل أولوية الأوليات في "أجندات" الوزراء من خلال وزاراتهم، السيادي منها والخدماتي وحتى العادي، إذ لكل وزير أولوية يعتبرها أهمّ من أي أولوية أخرى. ولكن يبقى السؤال: هل تكون البداية وفق نظرية "الخطوات السلحفاتية" الواثقة والأكيدة، أم وفق نظرية "أسنان المشط"؟
الجواب عن هذا السؤال ليس بالأمر السهل. فإذا كان أصحاب النظرية الأولى مقتنعين بأن الحكومة الحالية، وبما أن عمرها السياسي قصير، لن تستطيع اجتراح "الاعاجيب" في زمن ليس زمنها، وأنها لا تحمل عصًا سحرية، فإن الاكتفاء بـ "الاجازات السلحفاتية" يبقى أفضل الخيارات. إلاّ أن هذا الخيار لا يعفي الحكومة من أن تولي أهمية قصوى لملفات تحتاج إلى قرارات حاسمة وسريعة. وقد يكون في مقدمة هذه الملفات تقديم وزارة المال بموازنة العام 2026 لدرسها وإقرارها في أقصى سرعة وارسالها إلى الأمانة العامة لمجلس النواب لإحالتها إلى لجنة المال والموازنة، بعدما أقرّ مجلس الوزراء في جلسة الأمس موازنة 2025 كما أعدّتها حكومة الرئيس ميقاتي، وأصدرها بمرسوم،  وذلك باعتبار أن آلية الصرف على أساس القاعدة الاثنتي عشرية لم تعد صالحة لهذا الزمن، خصوصًا أنها تتزامن مع إصرار وزير المال ياسين جابر على عدم توقيعه على أي مشروع سلفة خزينة من أي احتياط في الموازنة القديمة والجديدة. وهذه العملية تحتاج، إعدادًا ومناقشة وإقرارًا، إلى عدّة أشهر من الآن، في حال تمّ التسليم جدلًا بأن مشروع موازنة 2026 ستكون قريبًا على طاولة مجلس الوزراء.

وتكرّ سبحة الأولويات والاستحقاقات الداهمة والتي لها طابع العجلة كالتشكيلات القضائية قبل الحديث عن إقرار قانون استقلالية القضاء، وهو ملف يحتاج لوحده إلى ورشة خاصة. ويضاف إلى الملف القضائي، ملف آخر لا يقل أهمية عنه وهو التشكيلات الديبلوماسة، إلى التشكيلات العسكرية وإعادة هيكلة القطاع العام وسد الفراغات في المراكز الإدارية، وبالأخص في الفئة الأولى. ومن بين الملفات، التي لا يمكنها الانتظار كثيرًا إقرار خطة تعافٍ اقتصادية إنقاذية متكاملة وعصرية، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي بعد تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان ونوابه، على أن تبقى خطة الإصلاح السياسي والمالي والإداري الهمّ الأساسي وربما الوحيد من بين هموم أخرى كثيرة مهمة وأساسية. ومن دون هذا الإصلاح، الذي هو الشقّ الأول من شعار الحكومة، لا انقاذ، وهو الشق الثاني. وللإصلاح مفاهيم وتفسيرات كثيرة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الإنقاذ.

فهذه الورشة تحتاج إلى "جيش" من العاملين على ملفاتها. ولو كان أي عاقل مكان رئيس الحكومة لاعتمد سياسة "الخطوات السلحفاتية"، التي تبقى أفضل من "قفزات أرنبية" لا توصل إلى خطّ النهاية. وإذا لم تكن النهاية المتوقعة قائمة على خطوات، ولو صغيرة، كمثل معالجة أزمة السير التي حصلت أمس الأول بسبب الأمطار الغزيرة وكأن لبنان بلد صيفي فقط، فلن تكون هذه النهاية سعيدة كمعظم أفلام "الأبيض والأسود".   
 
المصدر: خاص لبنان24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas