بدت لافتة عودة الحركة الدبلوماسية نحو بيروت بدءاً بزيارةِ وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أول أمس، والزيارة المفترضة للمبعوث الفرنسي جان إيف لو دريان الأسبوع المقبل،وهي زيارات تبدو أقرب إلى معاينة للوضع الحالي في ضوء اشتعال الجبهات مجدّداً، ورصد الموقف اللبناني من المطالب الأميركية المتعلقة بالتفاوض في شأن الجنوب ومدى استعداد لبنان للتعامل معها، خصوصاً أن لباريس دوراً في لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار التي يتولى رئاستها جنرال أميركي، وهي أحد أطراف «اللجنة الخماسية» حول لبنان، وتعدّ لمؤتمرٍ تستضيفه لدعم إعادة الإعمار.
وكتبت" الاخبار": يتم التعاطي بكثير من التهيّب مع التسريبات الأميركية حول التطبيع مع العدو، وآخرها ما نُقل عن المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وعكس إصراراً على فتح مسار دبلوماسي - سياسي من التفاوض مع إسرائيل، كان أول مؤشراته إعلان نائبته مورغان أورتاغوس الاتجاه إلى إنشاء
مجموعات عمل لبحث ملفات الأسرى اللبنانيين، والتلال الخمس التي يحتلها العدو، والنقاط 13 المتنازع عليها على «الخط الأرزق».
وفي ظل معلومات عن رسالة نقلتها أورتاغوس إلى الرئاسات الثلاث تضمّنت دعوة إلى الإسراع في تشكيل اللجان الثلاث من عسكريين ودبلوماسيين للبدء في معالجة الملفات المذكورة، علمت «الأخبار» أن الرئيس نبيه بري أبلغ موقفه إلى من يعنيهم الأمر، في الداخل والخارج، بـ«التمسك بتطبيق
القرار 1701، باعتباره ركيزة
اتفاق وقف الأعمال العدائية»، مع إعطاء «الأولوية لوقف الخروقات والعدوان
الإسرائيلي المستمر منذ انتهاء الحرب»، قبل «العودة إلى الكلام عن ترسيم الحدود عبر اللجنة العسكرية – التقنية المعنيّة بمعالجة النقاط العالقة». وركّز بري على أن آلية العمل للجنة الإشراف كفيلة بمعالجة كل النقاط العالقة.
ورغم أن مكتب ويتكوف نفى ما نُقل عن الأخير في شأن ضرورة التطبيع مع العدو، أكّدت مصادر مطّلعة أن «الرسائل التي تنقلها أورتاغوس إلى المسؤولين اللبنانيين تحمِل ترهيباً وتهديداً واضحيْن، فضلاً عن ابتزاز
لبنان بالتلويح بمنعه من إعادة الإعمار، وهي تشبه بمضمونها ما نُقل عن ويتكوف»، مشيرة إلى أن «المشكلة تكمن في خوف المسؤولين اللبنانيين الذين يظهرون عجزاً عن اتخاذ موقف حاسم للردّ على هذه التهديدات».
وأوضحت المصادر أن «
لبنان كان على علم بالاتجاه الأميركي قبلَ أن تعلنه أورتاغوس»، إذ إن رئيس لجنة الإشراف على تطبيق
اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، أبلغ أعضاء اللجنة في آخر اجتماع عن قرار أميركي بالذهاب إلى مسارات مختلفة للتفاوض من خارج إطار اللجنة القائمة، ولمّح إلى أن وظيفة اللجنة ليست مفتوحة إلى الأبد، مشيراً إلى أن مهمته قد تنتهي خلال شهرين.
وكان هذا الموضوع مدار بحث يوم أمس بينَ الرؤساء الثلاثة الذين عقدوا خلوة قبل الإفطار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية جوزيف عون في بعبدا أمس. وقالت مصادر مطّلعة إن الخلوة تقرّرت سابقاً للبحث في ما يطلبه الأميركيون وكيفية حماية البلد في حال استمرت الولايات المتحدة في منحاها التصاعدي من الضغوط.
وقال رئيس الجمهورية خلال الإفطار : : "أدركتُ أنّ شرعيةَ أيِ سلطةٍ في
لبنان، لبنانَ الكيانِ والوطنِ والدولة، هي في أن نكونَ معاً. أن نحيا معاً وأن نُحيي حياتَنا معاً. أن نُصلي معاً وأن نصومَ معاً ونفطرَ معاً. أن نقاومَ معاً. وأن ننتصرَ معاً. أن نفرحَ زمناً، أو نحزنَ للحظةٍ معاً. وأن تكونَ معيّتُنا هي ترياقُنا، لنمسحَ حزنَ اللحظة، ونؤبّدَ فرحَ كلِ لحظةٍ معاً. وفي كلِ الأحوال وشتّى الأزمان، أن نبقى معاً. أما أن يكونَ رئيسُ الجمهورية هو رمزُ وحدةِ الوطن، فأدركتُ أن هذا يعني ويقتضي، أن أكونَ أنا وأنتم جميعاً هنا تحت هذا السقفِ بالذات. سقفُ دولتِنا ووطنِنا وميثاقِنا لأنّ وحدتَنا هي أغلى ما نملكُ وأعظمُ ما نملك هي قوتُنا وحصانتُنا ومِنعتُنا وقدرتُنا، هي سلاحُنا الأمضى وثروتُنا الأغنى وخيرُنا الأبقى. بوحدتنا، هنا، نحفظُ وطنَنا من كلِ عدوانٍ وأطماع".
أضاف عون: "بوحدتنا هنا، نستعيدُ كلَ حقوقِنا ونحررُ كلَ أرضنا ونستعيدُ كلَ أسرانا. بوحدتنا هنا، نحققُ ازدهارَ شعبِنا واستقرارَ مجتمعِنا واستقلالَ بلدِنا. بوحدتنا هنا، نُعيدُ بناءَ ما تدمّر. ونضمنُ ألا نسمحَ بالدمارِ مجدداً أو دورياً. بوحدتنا هنا، نزرعُ الفرحَ في عيونِ أبنائنا والأملَ في نفوسِهم. فنحصدَ مستقبلاً يليقُ بالتضحيات والشهادات... ويُشبهُ لونَ تلك العيون. بوحدتِنا هنا، نقومُ بعد أيِ كبوة. وننتصرُ بعد أيِ نكسة. ونبلسمُ أيَ جرحٍ حتى يبرأ. ونبتسمُ لكلِ غدٍ، إيماناً منا بأنه سيكونُ أفضل. بوحدتنا هنا، لا تكونُ جماعةٌ منا مكلومة. ولا حقوقَ لنا مهضومة. ولا فئةَ عندنا مظلومة".