Advertisement

لبنان

13 نيسان في يوبيله الذهبي: عُشّاق الحروب نحن... والاستقرار المستحيل!

Lebanon 24
11-04-2025 | 22:57
A-
A+
Doc-P-1346242-638800343196130836.png
Doc-P-1346242-638800343196130836.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
كتب طوني عيسى في" الجمهورية": لم يتأسس لبنان كأي "بلد" آخر بالمعنى التقليدي، بل هو "فكرة"، قبل أن يكون كياناً سياسياً وجغرافياً. ونواةُ الفكرة كما أرادها المؤسسون، هي خلق نموذج فريد من التعايش الطائفي والمذهبي في العالم العربي والعالم، حيث تتحكّم الأكثريات الطائفية أو المذهبية أو العرقية غالباً. وظهر هذا النموذج في البداية وكأنّه اختراع فلسفي سيسجّله التاريخ. ولكن، من عمر المئة التي أمضاها لبنان" كبيراً" (منذ 1920)، مرَّ النصف الأول بين الاستقرار النسبي والقلاقل،والنصف الثاني بالحروب الدموية والانهيارات التي لا تلوح لها نهاية. لقد ثبت أنّ الطائفية في لبنان ليست مجرد واقع سياسي، بل هي جزء من نسيج الهوية الوطنية. ولذلك، يبدو صعباً على مجموع الهويات أن يتوحّد في مشروع.وأحياناً، تحاول الطوائف أن تتجنَّب التنازع الداخلي، ولكن سرعان ما تتذكّر أنّها "مؤتمنة" على الطائفة، أي أنّ بقاءها في السلطة هو الضمان لمستقبلها السياسي، فتتخذ الموقف القتالي، وتنفجر التناقضات مع الطوائف الأخرى.سؤال آخر طُرح مراراً في الخمسين العجاف: كيف يمكن الحفاظ على "لبنانٍ واحدٍ" في ظل تسابق قوى النفوذ الخارجية للهيمنة عليه واستثمار الولاءات الطائفية المتنازعة في داخله؟ فقد أدّى هذا التسابق إلى إضعاف مشروع لبنان الحضاري المفترض، القائم على التنوع. وعمل كل طرف للهيمنة بدلاً من السعي إلى الوحدة، وتعمَّق حال انعدام الثقة بين مكونات الشعب.
Advertisement
فإذا كان المقصود بالدولة، في المفهوم الدستوري والحقوقي، ذلك الإطار أو الكيان الذي يجمع المواطنين كلهم تحت مظلة قانونية واحدة، فمن الممكن القول إنّ لبنان اليوم بلا دولة. وبنِسَبٍ مختلفة، ومداورةً، يتحمَّل معظم قادة الطوائف الذين تعاقبوا المسؤولية عن الخراب، بسبب تغليبهم المصالح الضيّقة على المصلحة العامة، كل في مرحلة معينة من النزاع، فيما غاب مفهوم المسؤولية الجماعية. وقد فرضت القوى الدولية والإقليمية التي انخرطت في أزمات لبنان أجندات سياسية على الشعب اللبناني لا تتوافق مع مصالحه. ومن مغامرات إسرائيل العسكرية إلى التورط الفلسطيني والهيمنة السورية وصولاً إلى تدخّل إيران، تظلّ القوى الخارجية محركاً أساسياً للحروب. واليوم، تبدو هذه التدخّلات في أوجها، ما يعطّل أي فرصة لإعادة بناء الدولة. وفي ضوء هذه الحقائق، هل يمكن التفاؤل بقدرة لبنان على أن يحقق الحلم التأسيسي ويصبح فعلاً دولة التنوع الطائفي، أم حان الوقت لاستخلاص الدروس، بعد 100 عام من التأسيس، والاقتناع بفشل النظام وضرورة التخلص منه، لأنّه لم يُنتج إلّاالفوضى؟ وهل يمكن تغيير هذا النظام ليصبح علمانياً يعكس مفهوم المواطنة بدلاً من الولاءات الطائفية؟ أم إنّ الواقع اللبناني لا يسمح بهذا التغيير الذي يتصف بأنّه جذري بل انقلابي، ويُفترض أن يتحقق بسرعة هائلة أي قبل فوات الأوان، وأن يتحدّى تأثيرات القوى الإقليمية والمصالح الداخلية الضيّقة؟ في بعض المحطات، جرت محاولات للخروج من النفق، أهمها تجربة 17 تشرين الأول 2019 التي أظهرت ملامح انصهار حقيقي بين أبناء الطوائف، ولا سيما منهم الفئة الشابة الواعدة، في بوتقة الانتفاض على دولة الإقطاعات والمفاسد.لكن هؤلاء الحالمين عوقبوا بإعدام لا قيامة بعده، ولو بزلزالٍ بحجم انفجار المرفأ في آب 2020 . اليوم، على الأوجاع والأنقاض التي خلّفتها الحرب، وخصوصاً في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية، تُجرى محاولات مدعومة عربياً ودولياً لاستنهاض وحدة الدولة والكيان. لكن المشكلة إياها تتكرّر. فالطرف الذي يمسك بالسلاح، أي "حزب الله"، يرفض التخلّي عنه، لأنّه ضمان الطائفة للخروج من تهميش داخلي قديم، وللحفاظ على موقع ومكاسب حققها بالدم والنار على مدى عقود، وعلى دور وازنٍ داخل المعادلة الوطنية. وهذا الموقف يهدّد بإطاحة الفرصة السانحة حالياً، والتي مرّ فيها قادة آخرون سبقوه إلى تسليم السلاح وانضووا باكراً تحت جناح الدولة. لن يكون لبنان مشروعاً سياسياً ثابتاً وقابلاً للحياة ما لم تتقبّل الطوائف بعضها بعضاً، وما لم تعزل نفسها عن التدخّلات الخارجية. فهل سيتحقق هذا الهدف ويخرج لبنان من هذه الدوامة القاتلة، بعدما تجاوز عمر المئة، أم علينا أن ننتظر الحرب المقبلة؟
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك