كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": ثمة قول مأثور كان يردده دائما رئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجية وهو ″النهر اللي بأولو ما بيجر أخشاب بآخرو ما بيجر أعشاب″..
ربما ينطبق هذا القول اليوم على رئيس الجمهورية ميشال عون خصوصا أن ما لم يتمكن من تنفيذه في مطلع عهده وخلال السنوات الخمس الماضية، من الطبيعي ألا يستطيع الوصول إليه قبل عشرة أشهر من إنتهاء ولايته، علما أنه سبق وإعترف قبل أيام أمام مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية بأنه “لم يعد بوسعه القيام بشيء وبالتالي فإن التغيير المنشود سيكون على عاتق من سيأتي بعده”، وبالتالي فإن ما سيقوله اليوم قد لا يتعدى “فشة خلق” نهاية العام، مع توجيه لبعض الرسائل السياسية التي يأمل اللبنانيون أن لا تؤدي الى مزيد من التوتر في حال تضمنت بعض “الفاولات” التي من شأنها أن تُضعف موقف عون وتضاعف من خسائر تياره السياسي برئاسة جبران باسيل.
بالرغم من حرص المحيطين بالرئيس عون على عدم تسريب أية عناوين أو مواقف من إطلالته التلفزيونية، إلا أنه وبالتحليل المنطقي فإن رئيس الجمهورية في هذه المرة من المفترض أن يسمي الأشياء بأسمائها في ما يتعلق بالقضاء والمجلس الدستوري، ويشن هجوما على كل المعطلين والمعرقلين سواء تصريحا أو تلميحا، لكن من دون أن يطرح أية حلول، خصوصا أن ثمة حلا وحيدا اليوم في لبنان، يتمثل بإطلاق يد الحكومة في الانعقاد والاستفادة من الدعم الدولي الكبير وتأمين إنطلاقة سهلة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي تمهيدا لاستدراج المساعدات والهبات المالية التي من شأنها أن توقف الانهيار، وكما بات معلوما فإن هذا الأمر يحتاج الى خطوات متقدمة على الصعيد القضائي لا يُقدم عليها الرئيس عون خوفا من إرتداداتها على باسيل في الشارع المسيحي وإمكان إستغلال خصومه لها خلال الانتخابات النيابية المقبلة.
يعتبر بعض المراقبين، أن" الفاول "الأول الذي يمكن أن يرتكبه عون في إطلالته اليوم، هو في الهجوم على حزب الله، علما أن هذا الهجوم لن يقدم ولن يؤخر في المعادلة السياسية، سوى تأكيد تناغم عون مع المواقف التي أطلقها باسيل في البترون وتم تسريبها عن قصد بالصوت والصورة، ما سيؤدي الى إتساع الفجوة القائمة بين حزب الله والتيار البرتقالي، والى خسارة عون وباسيل سويا ما بقي من جمهور شيعي، ما يعني تراجعا في عدد نواب التيار الذين تُشكل لهم الأصوات الشيعية رافعة في مناطقهم.
ويرى المراقبون أن الرئيس عون قد يلجأ في إطلالته الى شدّ العصب المسيحي، لكن وبحسب هؤلاء أيضا يكون قد إرتكب أكثر من “فاول”، خصوصا أن رئيس البلاد من المفترض أن يتحدث بلغة وطنية جامعة، ولا يجوز أن يكون منحازا لأي طرف دون آخر، إضافة الى أن شد العصب المسيحي سيقابل بردات فعل من الطوائف والمذاهب الأخرى ، وبالتالي فإن التداخل الطائفي الاسلامي ـ المسيحي القائم في أكثرية الدوائر الانتخابية لا يتماشى مع أي لغة طائفية، فكيف إذا كانت صادرة عن رئيس البلاد وحامي دستورها.
أمام هذا الواقع، تتساءل مصادر مواكبة، هل يضرب الرئيس عون كل التوقعات والتحليلات ويعلن عن مبادرة تفتح الطريق أمام الحلول؟، وهل يطرح مخارج قانونية لقضية المحقق العدلي طارق البيطار؟، أم أن مسار السنوات الخمس الماضية مستمر الى نهاية العهد، ما يعني أن كلام عون اليوم ربما يكون مقدمة للمعركة التي سيفتحها باسيل في إطلالته الاعلامية في اليوم الثاني من العام الجديد؟!..