كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": يقف تفاهم “مار مخايل” بين التيار الوطني وحزب الله عند حافة الكلمة التي سيلقيها السيد حسن نصرالله عند الثامنة من مساء اليوم، فإما أن يُسقطه نهائيا أو أن يحافظ عليه ويُدخله ورشة الترميم، وذلك بعدما أمعن فيه جبران باسيل أمس تحطيما وتشويها وتهشيما في محاولة منه لابتزاز حزب الله ولشد العصب المسيحي عشية الانتخابات النيابية المقبلة.
في الشكل كسر باسيل الجرة مع حزب الله، عندما حاول “الأستذة” عليه في تعليمه أصول التحالف، ومن ثم تحميله مسؤولية ما وصل إليه تفاهم “مار مخايل” الذي “لم يعد من ضمن قناعة التيار البرتقالي”، وما يتعرض له التيار الوطني الحر من التراجع الشعبي مرورا بالعقوبات الأميركية وصولا الى “لاقرار” المجلس الدستوري بشأن إقتراع المغتربين.
أما في المضمون، فقد تجاوز باسيل الخطوط الحمراء مع حزب الله، بمحاولته أولا دق إسفين الفتنة في الوحدة الشيعية، من خلال وضع الحزب بين خياريّ تفاهم مار مخايل والرئيس نبيه بري، وإتهام اخر بانه من يقرر في هذا التفاهم وأن الحزب يتحجج به في كثير من القضايا وذلك ضمن إطار لعبة توزيع الأدوار”، لذلك “فقد بات من حق التيار إعادة النظر فيه”، وثانيا تحميل الحزب مسؤولية عدم بناء الدولة والمؤسسات، وثالثا تمنينه بالوقوف الى جانبه في مقاومة إسرائيل وفي مواجهة الارهاب، وباختيار مشهد تفاهم مار مخايل على مشهد الطيونة مع غمز من قناة الحزب بتورطه في ما حصل حيث قال باسيل: “أنتم انجريتم إلى الطيونة بالرغم من تنبيهنا، ارجعوا الى مار مخايل فتجدوننا”.
كما هي العادة، تحدث باسيل بوحي من قصة الأبطال والخونة، فبرأ نفسه وتياره من أي مسؤولية تجاه ما وصلت إليه البلاد على قاعدة “ما خلونا” ونسب لتياره بطولة مواجهة أمراء الحرب وأمراء الفساد،ولعب دور الضحية التي تتعرض لكل أنواع الاستهداف والعقوبات والاغتيال السياسي والعزل والاضعاف والتهميش بسبب تحالفه مع حزب الله، من دون أن ينسى تذكير الحزب بأنه فضّل التحالف معه على التحالف مع القوات اللبنانية التي شن هجوما عنيفا على رئيسها سمير جعجع “الآداة الدائمة للخارج والساعي الى الفتنة في لبنان”، لكن من دون أن يشير الى أنه تحالف مع جعجع والقوات تحت شعار “أوعا خيك” ولم يراع حزب الله وخصوصيته في هذا الاطار، ثم جرى فك التحالف بسبب تضارب المصالح والمكاسب السياسية وليس بفعل إيديولوجية "التيار الوطني الحر" التي تتعارض مع القوات اللبنانية.
بعد كلمة باسيل، يمكن الخروج باستنتاجين، الأول أن رئيس التيار البرتقالي الذي حاول شدّ العصب المسيحي بالهجوم على “الثنائي الشيعي” عشية الانتخابات النيابية، قد خسر جمهور المقاومة ولم يربح الشارع المسيحي، كما أنه لم يُقنع أي مكون آخر بالرغم من محاولته خطب ودّ الشارع السني الرافض له، وكذلك التعاطي بايجابية مع الشارع الدرزي، ما يوحي بأن باسيل بدأ يعد العدة لخوض معاركه منفردا ولتحضير جمهوره للخسارة في الانتخابات وتراجع عدد نوابه.
والثاني، تصعيب المهمة على السيد حسن نصرالله الذي ،ولو أراد ترميم التحالف مع التيار الوطني الحر، وتجميله بما يمتلك من حنكة سياسية، فإن التشوهات ستبقى ظاهرة عليه، ما سيدفع جمهور المقاومة الى النفور منه.
اللافت أن “الثنائي الشيعي” قد تحصن بالصمت، ولم يبد أي تفاعل تجاه خطاب باسيل أمس، لكن ذلك لا يمنع أن ثمة نارا تحت الرماد قد تظهر في إطلالة المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل الذي سيرد على كل نقطة أثارها باسيل، لتبقى الكلمة الفصل للسيد نصرالله الذي سيُبنى على كلامه وموقفه المقتضى.