منذ أيام، كثر الحديث عن "الدورة الاستثنائية" لمجلس النواب، بوصفها نقطة مُضافة إلى "بازار" الحرب السياسية الدائرة بين رئيس الجمهورية ميشال عون، ومن خلفه رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل من جهة، ورئيس مجلس النواب نبيه بري من جهة ثانية، والتي يبدو أنّها وصلت إلى "ذروة التصعيد" على أكثر من خط.
وعلى خطّ هذه "المعركة"، قيل إنّ رئيس الجمهورية "لا يريد" الدعوة لعقد استثنائي للمجلس "ردًا" على تعطيل مجلس الوزراء، ومنعًا لحصول النواب على "الحصانات" التي يسعون إليها، في سياق التحقيق بجريمة تفجير مرفأ بيروت، وجرى الحديث في المقابل عن "عريضة" سيتمّ توقيعها من أغلبية النواب لـ"فرض" الدورة الاستثنائية على رئيس الجمهورية.
وفيما بدأ العمل بالفعل على جمع التواقيع اللازمة لإنجاز العريضة، جاءت "المفاجأة" صباح الأربعاء على لسان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي أعلن بعد اجتماعه برئيس الجمهورية ميشال عون "الاتفاق" على فتح دورة استثنائية، كاشفًا في الوقت نفسه عن اتجاه لدعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد فور استلام الموازنة، التي "أصبحت جاهزة".
قصّة "الدورة الاستثنائية"
هكذا، دارت على مدى أيام "اشتباكات" على خط بعبدا-عين التينة، على خلفية "الدورة الاستثنائية"، حيث ينصّ الدستور اللبناني في المادة 32 منه على أنّ مجلس النواب يجتمع في عقدين عاديين كلّ عام، يبدأ الأول يوم الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر آذار، ويستمرّ حتى نهاية شهر أيار، فيما يبدأ الثاني يوم الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر تشرين الأول، وتدوم مدته حتى نهاية العام.
أما المادة 33 من الدستور، فتنصّ على إمكانية الدعوة إلى عقود استثنائية للمجلس من خلال مرسوم يوقّعه رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة، مع تحديد موعد افتتاح هذه العقود واختتامها وبرنامجها. لكنّ المادة تنصّ أيضًا أنّه "على رئيس الجمهورية الدعوة إلى عقود استثنائية إذا طلبت ذلك الأكثرية المطلقة من مجموع أعضائه".
وبعدما أشارت المعلومات إلى أنّ رئيس الجمهورية "لا يريد" الدعوة إلى دورة استثنائية، وقد أبلغ المعنيّين بذلك، بالنظر إلى "انتفاء" الجدوى منها، وفق ما يقول، فلا شيء "طارئًا" يبرّرها في الوقت الحالي، طالما أنّ لا قوانين "عاجلة" تنتظر الإقرار، وبالتالي، لا تبرير "تشريعيًا" لها في الوقت الحالي، بدأ المحور المقابل الإعداد لـ"عريضة نيابية" تدفع إلى جعل الدورة الاستثنائية بمثابة "أمر واقع"، لا يمكن للرئيس أن يرفضه بأيّ شكلٍ من الأشكال.
بوادر "حلحلة"؟
إزاء ذلك، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام عن "خفايا" إعلان رئيس الحكومة اليوم عن "اتفاق" على فتح هذه الدورة، وما إذا كان جزءًا من "اتفاق شامل"، أو ربما "تسوية"، تقضي بـ"حلحلة عامة"، يكون قوامها فتح دورة استثنائية، مقابل انعقاد مجلس الوزراء، ولو من بوابة الموازنة، وهو ما ألمح إليه رئيس الحكومة في كلمته من قصر بعبدا.
وثمّة من يوسّع "آفاق" هذه "الحلحلة" ليضيف إليها بند "الحوار" الذي طرحه رئيس الجمهورية في رسالته الأخيرة، عشيّة الميلاد، بالعناوين التي حدّدها، وهي خطّة التعافي المالي، والاستراتيجية الدفاعية، واللامركزية، إضافة إلى سياسة لبنان الخارجية، علمًا أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري كان قد أصدر إشارات "إيجابية" في هذا الصدد، حين أعلن أنّه جاهز دائمًا لتلبية أيّ دعوة "حوارية"، من أيّ مصدر.
في مطلق الأحوال، فإنّ الاتفاق، بمُعزَلٍ عن التفاصيل، يبقى "محطّ تفاؤل" بالنسبة إلى الكثيرين، خصوصًا أنّ الوضع لم يعد يحتمل المزيد من "النكد السياسي"، في وقتٍ يتعمّق "الانهيار" أكثر، وقد سجّلت الليرة اللبنانية مستوى قياسيًا جديدًا مع بداية العام الجديد، ولو أنّ "الترجمة" تبقى الأهمّ، برأي العارفين والمتابعين، خشية من ظهور "شيطان" خلف "التفاصيل"، يمكن أن يشوّه "الطبخة" عن بكرة أبيها.
لعلّ "الاتفاق" على فتح "دورة استثنائية" في ذروة "الاشتباك" حولها، بين ليلة وضحاها، "مؤشر" إلى شيءٍ ما "يُطبَخ" خلف الكواليس، لا سيما أنّه تزامن مع إعلان توجّه لعقد جلسة لمجلس الوزراء، من بوابة بحث الموازنة. لكن، سواء صحّت "الفرضيّات" في هذا الإطار أم لم تصحّ، يبقى الأكيد أنّ "المراوحة" لم تعد خيارًا، في مرحلة "الانهيار" الماليّ المتفاقم!