صحيح ان لبنان يعاني منذ أكثر من سنتين من أزمات اقتصادية متعددة الا ان الاقبال على عمليات التجميل لم يتوقف بل لا يزال قائما ويستقطب العديد من المغتربين اللبنانيين والسياح العرب، ويكاد يكون القطاع الوحيد الذي يشهد انتعاشا في ظل التدهور الحاصل.
فالجمال والمظهر الأنيق يبقيان من أولويات العديد من اللبنانيات وحتى اللبنانيين، ويبقى الاهتمام بالشكل الخارجي مفتاح الجمال، علما ان المصارف اللبنانية كانت في السابق تمنح قروضاً تسمى بـ"قرض الجمال" لمساعدة من يريد على تغطية مصاريف عمليات التجميل وذلك قبل الأزمة الاقتصادية.
وقد كشف العديد من الإحصاءات سابقا أن عدد عمليات التجميل التي تجرى سنوياً في لبنان كانت تتراوح ما بين 19 و20 ألف عملية. وبناء على هذه الأرقام، احتل لبنان المرتبة الثانية في العالم بعد البرازيل بالنسبة إلى عدد السكان، في نسب الجراحات التجميلية. كما ان شهرة أطباء التجميل اللبنانيين التي وصلت الشرق والغرب شجعت النساء في الخليج والأردن وسوريا، على اختيار عيادات ومستشفيات لبنانية للقيام بعمليات تجميلية.
ويعتبر بعض الخبراء ان سبب ازدهار هذا القطاع اليوم هو انخفاض الأسعار لتصل إلى نصف التكلفة التي كانت عليها من قبل، بسبب تراجع قيمة الليرة، الأمر الذي ساهم بالتالي في إقبال المزيد من السياح وبخاصة المغتربين الذين استفادوا من تقلبات أسعار الصرف وانخفاض قيمة الليرة.
إبرة "البوتوكس" بـ 300 دولار
الاخصائي في الجراحة التجميلية الدكتور رولان طعمة أكد في حديث لـ "لبنان 24" ان "الاقبال على عمليات التجميل في لبنان مستمر على الرغم من الأوضاع الصعبة"، مشيراً إلى ان كافة عمليات التجميل مطلوبة.
وقال: "في السابق كان الطبيب يجري 1000 عملية تجميل، اما اليوم فهو يجري نحو 500 أي انخفضت الاعداد إلى النصف. وهذه العمليات كانت في السابق بمتناول الطبقة المتوسطة والموظفين والموظفات في مختلف القطاعات اما اليوم فهي أصبحت فقط بمتناول من يقبض بالدولار او من يحصل على "فريش" دولار من الخارج".
أما عن أسعار إبر البوتوكس والفيلر، فأوضح طعمة ان "السعر حاليا يتراوح ما بين 200 إلى 300 دولار للإبرة ".
وعن انقطاع البوتوكس في الأسواق اللبنانية، أوضح طعمة انه في فترة سابقة عانى الوكلاء الذين يستوردون هذه المواد من مشاكل بتحويل الأموال إلى الخارج إضافة إلى عدم تأمين اعتمادات مصرفية لشرائه ففقدت لفترة، ولكن المشكلة حلت لاحقا وهي متوفرة حاليا في الأسواق.
وعن أفضل أنواع البوتوكس، لفت طعمة إلى ان البوتوكس المصنع في اميركا وبريطانيا وألمانيا تكون نوعيته أفضل، مشيراً إلى وجود بوتوكس يُصنع أيضا في الصين وكوريا. وعما حُكي عن وجود بوتوكس مزور ومغشوش في الأسواق، أكد طعمة وجود مواد مغشوشة، وسأل: "اذا كان البعض يُسعر ابرة البوتوكس بـ 200 ألف ليرة فماذا ستحتوي؟ "
ولا بد من الإشارة هنا إلى ان حقن البوتوكس لا تستخدم فقط في التجميل بل تستخدم كدواء يشفي من أمراض كثيرة، وقد يحتاجه الشخص كأي دواء آخر، كمرضى العضلات المتشنجة في الحنك والرقبة، إضافة إلى من يعانون من آلام الصداع وغيرها.
هجرة أطباء التجميل
وعن هجرة أطباء التجميل إلى الخارج، أوضح طعمة ان عدد أطباء التجميل الذين هاجروا من لبنان ليس كبيرا، وهم يتنقلون بين لبنان ودول الخليج حيث يقومون بعمليات واستشارات.
وعن قدوم سياح عرب او خليجيين إلى لبنان للقيام بعمليات تجميل، أكد طعمة ان عددهم قليل، والغالبية هم من اللبنانيين الذين يعيشون في الخليج والذين يأتون إلى لبنان لاجراء عمليات تجميل لأن الأسعار هنا أرخص، في حين انها تتجاوز النصف في دول الخليج، مطمئنا بأن أطباء التجميل اللامعين لم يغادروا لبنان.
هل ينقذ القطاع اقتصاد لبنان؟
إذا الأرقام التي يحققها قطاع التجميل اليوم لا تزال مقبولة، والمفارقة أن الأزمة الاقتصادية نفسها قد تكون سبباً في إعادة تنشيطه ومساهمته في اجتذاب الفريش الدولار، إذ يشكل المغتربون والسيّاح العرب والأجانب الحصة الوازنة من زبائن عمليات التجميل في لبنان، مما قد ينعش السياحة الطبيّة التجميلية، وخصوصاً أن هذه الفئة من الزبائن لا تتأثر بتقلبات سعر الدولار، لا بل إن تراجع سعر صرف الليرة يجعل الكلفة أرخص بالنسبة إليها.