بالرغم من كل التطورات الحالية في الاقليم وداخل الساحة اللبنانية لا تزال المؤشرات الواقية، المرتبطة بالرغبة الدولية او الداخلية، توحي بأن الاطراف الاساسية المعنية بالملف اللبناني او الاحزاب الفاعلة مستمرة بتأييدها لحصول الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها.
بعد اعلان الرئيس سعد الحريري قراره بتعليق العمل السياسي، بدأ الحديث الجدي لدى بعض المعنيين عن امكان توجه الاميركيين الى تطيير الانتخابات النيابية بعد ان كانوا اكثر المتمسكين بها، على اعتبار ان انسحاب الحريري سيمكن حزب الله وحلفاءه من الفوز بالاكثرية...
لكن المؤشرات التي ظهرت خلال المرحلة الماضية اكدت ان الاميركيين لا يزالون عند اصرارهم على حصول الانتخابات، لا بل يعتبرون حصولها في موعدها شرطا من شروط الدعم الغربي للبنان في المرحلة المقبلة، ما اعاد فتح باب النقاش حول شد الحبال بين واشنطن وحزب الله خلال الانتخابات وبعدها.
استعاد حزب الله وحلفاؤه الامل بالحفاظ على الاكثرية مستفيدين من انسحاب الرئيس سعد الحريري من المعركة الانتخابية وعدم تجاوب الشارع السني مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ما يعني ان الحزب بات قريبا، من وجهة نظر المقربين منه، من تعطيل اولى اهداف واشنطن وهي سلبه الاكثرية واضعافه داخل المؤسسات.
قد تكون هذه المعركة اولى معارك حزب الله في كباشه مع الاميركيين، لانه سيتمكن من تكريس نفسه مجددا اللاعب الاقوى في الساحة السياسية ويعيد تثبيت شرعيته الشعبية بعد ١٧ تشرين، لكن الاميركيين الراغبين في هزيمة حزب الله نيابيا، لديهم بالتوازي هدف اخر في الانتخابات.
لا يبدو ان الاميركيين سيتجهون الى تطيير الانتخابات حتى لو فاز حزب الله بالاكثرية، خصوصا ان تأجيلها قد يعيد تهديد الاستقرار السياسي والامني في لبنان وهذا اخر ما تريده واشنطن في هذه اللحظة الاقليمية الحساسة، لكنها في المقابل ستخوض معركة اضافية الى جانب معركة الاكثرية: معركة نسبة التصويت الشيعية.
يبدو ان احدى دلائل خسارة حزب الله، من وجهة نظر اميركية تكمن في تراجع نسبة التصويت الشيعية ما سيفتح ثغرة جدية داخل بيئة الحزب لقوى جديدة حتى لو لم تتمكن من الخرق، ما يعني ان الفوز في هذه الانتخابات تحديدا لن يكون مرتبطا فقط بعدد النواب في المجلس النيابي بل بحجم الشرعية الشعبية التي ستحتفظ بها القوى السياسية وتحديدا حزب الله..