وسط التحضيرات الانتخابيّة التي تخوضها القوى السياسيّة مجتمعة في دائرة الشوف - عاليه، تتجه الأنظارُ بشكلٍ كبيرٍ إلى دور أصوات الطائفة الشيعيّة في تلك المنطقة وتحديداً المحسوبة على حركة "أمل" نظراً لدورها الانتخابي الأساسي بالنسبة لرئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط.
في انتخابات العام 2018، كان رئيس مجلس النواب نبيه برّي قد حسم خياره بدعم حليفه جنبلاط في معركته، إذ تمكّن الأول من تجيير أصوات قسم كبير من مناصري حركة "أمل" في إقليم الخروب لصالح لائحة "المُصالحة" التي دعمها جنبلاط، وخصوصاً للنائبين نعمة طعمة وبلال عبدالله إلى جانب نوابٍ آخرين.
حالياً، ومع الاستحقاق القادم، تُعوّل بعض الجهات السياسية على إمكانية تكرار سيناريو العام 2018؛ وهو الأمرُ الذي يعتبره جنبلاط ضرورياً هذه المرّة كونه يواجه أزمة حقيقية وكُبرى تتمثل في إمكانية خسارته لمقعدين: الأول السني والثاني الدرزي.
تطوّرات جديدة تقلُب المشهد
ما كشفته المعطيات الحالية والجديدة تشير إلى "انقلاب" كبير في المشهد المُرتبط بالأصوات الشيعية، إذ أنّ السيناريو القائم والذي سيفرض نفسه في الشوف، يمكن أن يهزّ جنبلاط ويضاعف خسارته في عقر داره.. فما الذي حصل مؤخراً؟
تكشف معلومات "لبنان24" إنه خلال الفترة الأخيرة الماضية، وصلت أصداءٌ الى رئيس مجلس النواب نبيه بري من منطقة الشوف وتحديداً اقليم الخروب، مفادها أن القاعدة الشعبية لحركة "أمل" لم تعد تقبل بأيّ قرار معلّب خلال الانتخابات يجبر الناس على السير بخطّ يخالف قناعاتهم مثلما حصل عام 2018.
ووفقاً للمعلومات، فإن هذا الأمر جرى أخذه بعين الاعتبار من قبل بري وقيادة الحركة، فتمت الدعوة لاجتماع في الهيئة التنفيذية وجرت مناقشة الأمر المرتبط بالتوجه الشعبي الشيعي الانتخابي في إقليم الخروب وجرى أخذ توصيات بالآراء التي تطرق النقاش إليها، الأمر الذي ترك ارتياحاً كبيراً لدى الأوساط الشعبية المحسوبة على الحركة، خصوصاً أن القيادة عملت بتوصياتها.
فعلياً، فإنّ هذا الكلام كانَ قبل أحداث الطيونة، ومغزاه الأساس هو أنه ليس هناك أيُّ قبول بتكريس دعم شيعي للائحة تضم مرشحين من حزب "القوات اللبنانية". إلا أنه بعد اشتباكات الطيونة والصّدام الذي وقع بين حركة "أمل" و "القوات"، تعزّز قرارُ الحركيين أكثر، وبات من المحسوم لديهم أنه لا مجال أبداً بدعمِ أي لائحة انتخابية تُشارك بها القوات في الشوف أو بأي منطقة على سائر المناطق اللبنانيّة.
وعليه، فإنّ التوجه سيكون بعدم تكريس بري أيّ دعم لجنبلاط في انتخابات الشوف - عاليه، في خطوة تقلب الموازين بقوة، وتؤثر على الأخير بشكل كبير.
في هذا الإطار، يقول مصدرٌ قيادي في "أمل" لـ"لبنان24": "الأمر محسوم: لا دعم مِنا للائحة جنبلاط طالما أن الأخير يتحالف مع القوات. الرئيس بري كان واضحاً: لا تحالف ولا قبول بالقوات أينما وجدوا".
وأضاف: "أصواتنا لن تُستخدم لدعم لائحة يكون فيها مرشح قواتيّ واحد؛ وقد تبلغ الحزب التقدّمي الاشتراكي مَركزياً بقرار الحركة عدم دعم اللائحة التي يقودها ويشكلها ويتحالف فيها مع القوات اللبنانية".
مع هذا، فقد كشفت معلومات "لبنان24" أنّ "توجه حركة أمل مبدئياً سيكُون باتجاه اللائحة التي تضمّ التيّار الوطني الحر والنائب طلال ارسلان، في حين أن تحديد التوجه بشأن الصوت التفضيلي لم يحسم بعد لكنه من المُرجّح أن يكون للنائب فريد البستاني".
وتلفت المعلومات إلى أن "حزب الله سيتوجه لاعطاء دعم مطلق للوزير السابق وئام وهاب الذي يدرس امكانية تأسيس لائحة انتخابية في الشوف مع الوزير السابق ناجي البستاني، على ألّا تكون هذه اللائحة متنافسة مع اللائحة المدعومة من "التيار الوطني الحر".
وتردف المصادر: "الهدف من هذا الانقسام في اللوائح يتحدّد بامكانية اكتساب حاصل اضافي للجبهة الأساسية التي تضم "التيار الوطني الحر" وأرسلان والحلفاء مثل وهاب والبستاني، الأمر الذي يرفع عدد النواب الفائزين إلى خمسة".
عملياً، فإن هذا الأمر قد يكون غير مريح أبداً لجنبلاط الذي كان يُراهن مراراً على الكتلة الشيعية لدعم مرشحيه عن المقعدين السنّي والدرزي. وفي حال تحقق سيناريو ابتعاد برّي عن زعيم "الإشتراكي" في الشوف وتحديداً في إقليم الخرّوب، فإنّ خسارة جنبلاط للمقاعد النيابية قد تزيد، في حين أن نائبه السني بلال عبدالله قد يكونُ مهدداً بالاقصاء خصوصاً أن حركة "أمل" ساهمت بوصوله الى مجلس النواب عام 2018، في حين أن المرشح الدرزي الذي كان سيدعمه بأصوات الشيعة سيزداد الضغط عليه أكثر.
وعلى هذا الصعيد، تكشف مصادر "لبنان24" أن جنبلاط سيتمسك بترشيح الوزير السابق مروان حماده عن المقعد الدرزي الى جانب نجله تيمور جنبلاط، في حين أنه سيكرس كل الدعم لحماده لأن تحصيل المقعد الدرزي هو أولوية مطلقة لدى جنبلاط.
وإزاء هذا المشهد المأزوم، بات جنبلاط حقاً يعاني من أزمة في الأصوات، وبالتالي فإن إمكانية جذب أعداد إضافية من الناخبين لتحقيق الخرق في المقاعد المفصلية ستكون صعبة جداً في ظل ابتعاد ونفور جهاتٍ وازنة. وعليه، فإن الاعتماد على الجماعة الإسلامية سيكون صعباً لتعويض النقص المُرتبط بالمقاعد السنيّة، في حين أنّ طرح اسم مرشح ضعيف من برجا لن يقدّم شيئاً للائحة بل سيزيد من خسارتها.
ووسط كل ذلك، يبقى على جنبلاط أن يكسب البلدة الأخيرة لتعويض الخسارة، وأن يطرح مرشحاً قوياً منها بشكل مباشر يمكنه استمالة الأصوات نحوه من كل المنطقة، وأن يؤمّن اللائحة من خلاله لضمان حاصلٍ انتخابي، وهذا الأمر تسعى إليه مختلف القوى السياسيّة في الشوف.