بلغت التداعيات السياسية لملفي ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان مداها امس الاول وادت الى توقف استكمال البت فيهما، خارج الاطر القانونية والقضائية المعمول بها.
وكتبت" النهار": تمددت "هدنة" الملاحقات والمطاردات التي استهدفت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان بفعل التداعيات التي هددت وضع الحكومة أولا، ومن ثم الفسحة لمحاولات مراجعة الإجراءات التي اتخذت وأثارت الكثير من الاضطراب داخل مكونات السلطة. ولعلّ ما ساهم أيضا في تمديد فترة تبريد الأجواء المحمومة في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة وجود كل من رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي خارج البلاد.
وتحدثت مصادر سياسية مطلعة عن اتصالات وصفتها بانها اتخذت طابعا استثنائيا بين المعنيين حتى بعد سفر رئيس الحكومة إلى ميونيخ من اجل تدارك ما كان يمكن ان يؤدي إلى انفجار داخل الحكومة لن يكون ممكنا التحكم بتداعياته حتى لو لم تستقل الحكومة. وقالت ان الأيام المقبلة ستشهد تكثيفا لهذه المساعي على قاعدة اقناع العهد بالتروي في الاندفاعة لحصار حاكم مصرف لبنان كما في الإصرار على ملاحقة المدير العام لقوى الامن الداخلي لئلا تتسبب أي محاولات جديدة لاستهدافهما بتداعيات اشد سخونة مما حصل قبل أيام. وأشارت إلى انه مع انعقاد الجلسة التشريعية مطلع الأسبوع ستكون هناك فرصة لمحاولات أوسع نحو احتواء التفجير السياسي، واما في حال اخفاق هذه المحاولات، فان الوضع السياسي سيكون امام تصعيد حاد يصعب حصر آفاقه ونتائجه خصوصا مع دخول البلاد في أجواء الاستعدادات الانتخابية التي ستطلق العنان على الغارب للخطاب الشعبوي بما يفاقم التوترات داخل السلطة.
وكتبت" الديار": المنطق يقول أن على السلطة التنفيذية أي الحكومة، في حال شكّت بإرتكاب الحاكم مخالفات قانونية، أن تعمد إلى إقالته من منصبه ومن ثم مُحاسبته أمام القضاء. أمّا أن تتمّ الأمور كما يحصل حاليًا، فهو تدمير للمؤسسات الدستورية سيكون لها تداعيات سيئة جدًا حتى لو فرح البعض بإهانة وإعتقال الحاكم المركزي.
من الواضح أن القوى السياسية لا تعي خطورة ما يحدث في ملف الحاكم على الوضع الإقتصادي والمالي والنقدي. فما يتعرّض له الحاكم وهو في منصبه (بغض النظر عما إذا كان بريئًا أو لا) سينعكس على المستوى العالمي على الدولة اللبنانية من بوابة المصارف المراسلة التي تتلقّى مستندات (فتح إعتمادات أو غيرها) عليها توقيع حاكم ملاحق قضائيًا. وهو ما قد يدفعها إلى إغلاق حسابات مصرف لبنان وبالتالي تعريض لبنان إلى أزمة إستيراد حادة! أيضًا لا يعي المسؤولين مدى الضرر على المفاوضات التي تقودها الحكومة مع صندوق النقد الدولي. الجدير ذكره أن لبنان ممثّلًا في صندوق النقد الدولي بشخص حاكم مصرف لبنان، فأي صورة يُعطي المعنيون للصندوق وأي مصداقية سيكتسبون؟
المساءلة لأي شخص في منصب رسمي هي حق، إلا أن توقيت ملاحقة حاكم المصرف المركزي في هذا الوقت والطريقة المُهينة تخفي خلفها أهداف سياسية واضحة المعالم على أبواب الإنتخابات النيابية.
المخاطر التي قد تنتج عن ملاحقة سلامة تطال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وموازنة الحكومة التي تعتمد على سعر دولار منصة صيرفة، ودولار السوق السوداء.