يقترب موعد الانتخابات النيابيّة في 15 أيار، وكلّ الانظار تتّجه إلى دائرة الشمال الثالثة، ليس فقط لما يُطلق عليها بأنّها دائرة الزعامات المسيحيّة ورؤساء الجمهوريّة، وإنّما لسبب وحيدٍ، وهو هل سيُكرّر رئيس "التيّار الوطني الحرّ" فوز الـ2018، أم أنّ التحالفات التي تُقابله ستنجح بإفقاده مقعده النيابيّ؟ وتُسلّط الاضواء بشكل خاص على هذه الدائرة، لانّ باسيل في المركز الاساسيّ خصم قوّي لباقي الاحزاب. ولعلّ خسارته النيابيّة ستُشكّل له نوعاً من الاحباط في عرينه. وهذا ما يُركّز عليه خصومه، وخصوصاً من حيث إعداد اللوائح الانتخابيّة.
ويرى مراقبون أنّ كل الحيثيّات التي فاز على أساسها باسيل تبدّلت. وأوّلها التحالفات. وتجدر الاشارة إلى أنّه نال 12269 ألف صوتٍ في الـ2018، أعطته المركز الاوّل. أمّا حاليّاً، فقد فُكَّ تحالفه مع رئيس "حركة الاستقلال" النائب المستقيل ميشال معوّض، بالاضافة إلى أنّه خسر أصوات السنّة بعد خلافاته الكبيرة مع الرئيس سعد الحريري، وعزوف الاخير عن خوض الانتخابات. ويُتابع مراقبون أنّ الحزب "السوري القومي الاجتماعي" من مصلحته التحالف مع النائب سليمان فرنجيّة، لايصال النائب سليم سعادة مرّة جديدة، أو أحد المرشحين الجُدّد لديه.
في المقابل، يشرح مراقبون أنّ كلّ هذه التغييرات من شأنها أنّ تُفقد لائحة باسيل مقعدين. الاوّل مارونيّ، والثاني ارثوذكسي. على أنّ يحتفظ بمقعده. وهذا أمرٌ شبه مؤكّد، لانّ تأمين الحاصل الوحيد للائحة ليس صعباً أبداً، مع القاعدة الشعبيّة التي يمثّلها "الوطني الحرّ" في البترون، ولانّ الصوت التفضيليّ سيصبّ بشكل أساسيّ لباسيل.
في الاطار عينه، فإنّ اللوائح التي تنافس باسيل يشوبها أيضاً الخلّل. فـ"القوات اللبنانيّة" لا تزال تبحث عن حليفٍ لها. وإنّ كان من المستقلين أو المجتمع المدني، فإنّ أصوات الاخير ستكون محدودة، لانّ أصواته ستتوزع بأكثريتها كما هو متوقع للائحة تحالف "شمالنا" الذي يدخل بقوّة بعد "ثورة 17 تشرين" للفوز بحاصلٍ. إذاً يرى مراقبون أنّ "القوات" تخوض الانتخابات وحيدة في دائرة الشمال الثالثة. وهو أمرٌ ليس بسلبيّ، فقد حظيت عام 2018 بـ3 مقاعد، والاصوات مرجّحة إلى الارتفاع مع زيادة أعداد المغتربين في هذه الدائرة. ويُذكّر مراقبون أنّ عددا كبيراً من المنتشرين ينتمون لـ"القوات". ويُضيفون أنّ تأمين الحواصل الثلاثة ليس بعيداً هذه المرّة أيضاً.
كذلك، قام تحالف قوّي جديد في "الشمال الثالثة" يجمع "الكتائب اللبنانيّة" مع مجد حرب وميشال معوّض. وربما سيواجه هذا التحالف ضربة مُبكّرة، وخصوصاً بعد خلاف النائب السابق سامر سعادة مع قيادة حزبه، وتقديم إستقالته من رئاسة إقليم البترون الكتائبي، وبالتالي إنقسام الكتائبيين هناك في التصويت لسعادة وحرب. بالاضافة إلى أنّ موقف الاخير خلال مقابلة تلفزيونيّة قال فيها إنّ "الحريري ظلم السنّة في البترون عندما دعاهم للتصويت لباسيل عام 2018"، ربما كان متسرّعاً، فردّ عضو المكتب السياسي لـ"تيار المستقبل" عبد الستار الأيوبي على حرب قائلاً "للأسف اذا كانت انطلاقته تناول الرئيس الحريري وعلاقته بالاهل في البترون فبئس هذه الانطلاقة".
ويبقى عامل التحالف مع معوّض، إضافة إلى تمثيل حرب الشعبي (والده النائب السابق بطرس حرب نال 6155 صوتاً بعضها من "المردة" و"القومي" في الـ2018) سيُساهم بتأمين حاصل إنتخابيّ، وربما إثنين، ريثما يكتمل مشهد التحالفات نهائيّاً. ويُشير مراقبون إلى أنّ مهمّة حرب صعبة جدّاً، وخصوصاً وأنّه يعمل بشكل أساسيّ بالفوز على باسيل. ويُفنّدون أنّ اللائحة ستُؤمن في الموقع الاوّل فوز معوّض في زغرتا، وفوز حرب يحتاج لتحقيق سيناريوهات عديدة أبرزها على سبيل المثال حصول "القوات" على حاصلين في الكورة بدلا من مقعد فيها وفي البترون، أو فوز لائحة "التيّار" بمقعد خارج البترون، على أنّ ينال حرب أصواتاً أكثر من باسيل. ويعتبر مراقبون أنّ هذين السيناريوهين مستبعدان، لتواجد "القوات" الكبير بترونيّاً، كذلك سيقوم مناصرو "الوطني الحرّ" بالتصويت أفضليّاً بكثافة لباسيل، ليكون الفائز الاوّل في عدد الاصوات.
أمّا من ناحيّة لائحة "المردة" و"القومي"، فنجحت في انتخابات العام 2018 بالفوز بأعلى نسبة تصويت وبأربعة حواصل، ومن المرجّح أنّ تحافظ عليها.
وبانتظار الصوت السنّي الذي يُعتبر وازناً في دائرة الشمال الثالثة، وإنّ كان السنّة الذي يمثّلهم تيار "المستقبل" سيعزفون عن خوض الانتخابات، تترقب الاوساط كيف سيكون مزاج هؤلاء الناخبين؟، فهم قادرون على قلب الموازين، وإعطاء حاصل لايّ لائحة.
لا شيء أكيداً حتّى اللحظة باستثناء التحالفات في "الشمال الثالثة". والارقام تترجم فقط في نتائج الانتخابات، والمفاجئات دائما موجودة، وخصوصاً في هذه الدائرة التي تُريد "القوات" و"المردة" وباسيل والمجتمع المدني وميشال معوّض و"الكتائب" ومجد حرب و"القومي" إثبات وجودهم فيها.