يواظب حزب الله على توجيه الرسائل للداخل والخارج. فالمسيّرة "حسان" التي أطلقها وجالت في المنطقة المستهدفة لمدة 40 دقيقة في مهمة استطلاعية امتدت على طول 70 كيلومترا شمال فلسطين المحتلة، بعد ساعات من إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى "الشهداء القادة"، شكلت بداية لمرحلة جديدة في الصراع مع "إسرائيل". فكانت رسالة للخارج وللداخل معاً، بأن تعقيدات المشهد السياسي والأمني والاقتصادي الداخلي لا تقيد أداء حزب الله الجاهز على كل الجبهات.
أما على خط الاستحقاقات الدستورية فإن حزب الله هو من اكثر المتحمسين لاجراء الانتخابات في موعدها، فهي تشكل محطة مفصلية بالنسبة إليه وقد بدأ "العمل الانتخابي" في قراه وبلداته منذ 4 اشهر.
الانتخابات هي بمثابة حرب تموز سياسية، وفق توصيف رئيس المجلس السياسي في حزب الله، السيّد ابراهيم أمين السيّد، لأنّهم يريدون سلاحنا ومقاومتنا ومجتمعنا لكي تكون الكلمة في بلدنا لإسرائيل وأميركا كما قال. وبالتالي فإن لانتخابات 2022 نتائج استراتيجية كبرى على المستوى السياسي وفي المعركة ضد من يريد تغيير وجه لبنان، تقول أوساط مقربة من حزب الله لـ"لبنان24"، معتبرة ان التحريض السعودي في حرب تموز 2006 ضد الحزب هو نفسه اليوم لكنه لن يصل إلى نتيجة ولن يجر البلد إلى أي حرب أهلية.
بطبيعة الحال، فإن حراك الحزب الداخلي، وفق مصادر مطلعة لـ"لبنان24"، يأتي في سياق "الحرب الاستباقية" بالاستفادة من الواقع الراهن على المستوى الإقليمي – والدولي لتحقيق المكاسب السياسية والشعبية وتوجيه الضربة لمن يسعى لكسره في الانتخابات لتنفيد أجندة غربية خليجية عبر قرارات دولية محل خلاف (1559)، خاصة وأن الحزب يدرك أن واشنطن والرياض ستواصلان سياستهما الهجومية ضد الحزب من خلال حلفائهما في الداخل إلى حين إنتهاء الانتخابات، مع اشارة المصادر إلى أن التعويل على برلمان جديد مغاير لبرلمان 2018 -2022، لا يمت إلى الواقعية بصلة.
بحسب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ، بدأ الحزب بـ"تصنيع المسيّرات وأصبح لديه قدرة على تحويل الصواريخ الموجودة لديه بالآلاف إلى صواريخ دقيقة"، وهذا يعني، وفق المصادر نفسها، أن السيد نصر الله خاطب بالتوازي مع "اسرائيل"، الدول الخليجية بعدم المراهنة على حصار الحزب، وعدم ربط أي حوار مع لبنان الرسمي ودعمه بنزع السلاح الذي يشهد تطورا شديد الأهمية في سياق قدرات الردع، مع تأكيد المصادر أن ما ستفرزه صناديق الاقتراع من أكثرية وأقلية لن يكون له أيّ تأثير على سلاح حزب الله لأن موضوع السلاح أكبر بكثير من ذلك. وبالتالي فإن كل الشعارات المطروحة اليوم من خصوم الحزب والتي تحمل عنوان "سلاح الحزب" أشبه بشعارات فارغة ومطولات لا طائل منها.
سيعالج حزب الله ثغرات انتخابات 2018 سياسيا.ويمكن القول، وفق المصادر، إن الحزب نجح في انتهاج التسوية بين حليفيه حركة أمل والتيار الوطني او ما يعرف بربط النزاع بينهما لإتمام الانتخابات على خير وبعدها لكل حادث حديث. وبالتالي فإن عقدة الاخضر – البرتقالي فكت. والتحالف بين التيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله سوف يكون حيث يجب ان يكون. كذلك الأمر بالنسبة إلى الحلفاء الاخرين لحارة حريك. فالمعطيات الجديدة مع تعليق رئيس تيار المستقبل سعد الحريري العمل السياسي وعدم مشاركة تياره في الانتخابات خلقت واقعا جديدا، يأخده الحزب بعين الاعتبار خلال نقاشات تشكيل اللوائح مع حلفائه. مع الإشارة في هذا السياق، إلى أن مسيّرات حزب الله تزيد قوة التيار الوطني الحر الذي يبدي مسؤولوه ارتياحا لمسار الأمور في الوقت الراهن سواء على مستوى قدرات حزب الله ربطا بانجازات عدد من الوزراء في مرافق محددة وملف ترسيم الحدود وصولا إلى فيينا التي لن يكون لبنان خارج تفاهمات المتفاوضين على طاولتها.
إذن، تختلف حسابات الحزب عن حسابات الاحزاب المعارضة له. فهو، بحسب أوساطه، يبدي ثقة بفوزه وحركة أمل في المقاعد الشيعية كافة من دون أي خرق، ويتطلع إلى إيصال نواب سنة ودروز ومسيحيين جدد من حلفائه، مع ترجيح مصادره حصوله وحلفائه في 8 آذار ولبنان القوي قرابة الـ80 نائباً.
كل ذلك، يعني أن أي تغيير ينشده الخارج للمشهد السياسي يبقى خارج الصرف ، وهنا تقول مصادر دبلوماسية لـ"لبنان24" ان المجتمع الدولي مقتنع بانعدام حصول اي انقلاب في المعادلات داخل البرلمان، تقوم بتغيير سياسة لبنان الخارجية، لكنه يصر على الانتخابات التي على أساس نتائجها سوف ينصرف لمعالجة الأوضاع في لبنان.