للمرة الثانية على التوالي يحصل المغتربون اللبنانيون الذين يحق لهم الاقتراع على إمكانية المشاركة في الاستحقاق الانتخابي من داخل البلدان التي يتواجدون بها، إلا أن عدد الناخبين المسجلين هذه المرة في السفارات فاق بشكل كبير العدد الذي تسجل للانتخاب في الدورة الماضية إذ يبلغ لهذا العام 244.442 شخصًا، بينما بلغ 92.810 أشخاص في انتخابات عام 2018.
هو فرق ملحوظ يعود إلى عاملين أساسيين، أولهما يكمن في الرغبة المتزايدة للمغتربين بتغيير الواقع بعدما وصلت البلاد إلى الهوة، أما العامل الثاني فيعود إلى الارتفاع الكبير بعدد المسافرين إلى الخارج بلغ ذروته في العام الماضي، إذ وصل عدد المسافرين 79,134 شخصاً مقارنة بـ 17,721 شخصاً عام 2020 أي بارتفاع مقداره 61,413 شخصًا ونسبته 346% وفق الدولية للمعلومات.
ورغم الارتفاع بعدد المسجلين للاقتراع في بلاد الاغتراب، إلا أن ذلك لا يعني أن جميعهم سيتمكن من التصويت لأسباب أبرزها أن بعضهم لم تكتمل أوراقه التي تخوله لذلك إضافة إلى أن كثيرين لن يتمنكوا من التصويت نظرًا إلى أن مراكز الاقتراع ستكون بعيدة عن محل إقامتهم، وفق ما أفاد الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ"لبنان 24".
وبعيدًا عن العراقيل التي قد تواجه عددًا من المسجلين، ينتظر قسم من المغتربين الاستحقاق الانتخابي في أيار لممارسة حقه الديمقراطي بالانتخاب، في حين القسم الآخر غير مكترث لهذا اليوم معتبرًا أن صوته "لا بقدم ولا بأخر".
أكرم مغترب لبناني يعيش في السعودية منذ سنوات، ويقول لـ"لبنان 24": "بالطبع أنا كشاب لبناني قررت أن أشارك في العملية الانتخابية فنحن حتى لو كنا مغتربين مسؤولون أمام مجتمعنا"، مشيرًا إلى أنه يأمل بالمساهمة بإحداث تغيير من خلال الاقتراع للمجموعات التغييرية ولافتًا إلى أن هناك تواصل بين مجموعة من اللبنانيين في السعودية وقوى سياسية تغييرية مرشحة للانتخابات تحاول إحداث فرق في لبنان.
ويقول: "إلي جرب مجرب بكون عقلو مخرب"، مضيفًا إلى "أننا نحن في بلاد الاغتراب نرى كيف تعامل الأنظمة مواطنيها بعيداً عن الطائفية والزبائنية السياسية".
ويشدد على أنه "ليس الهدف الآن الحصول على عدد كبير من النواب، بل يجب النظر إلى هذه الانتخابات كمحطة للبدء بالتغير".
كريم، 28 عامًا، مغترب آخر يعيش في أميركا في نورث كارولاينا ويرى بالانتخابات المقبلة ضرورة للتغيير: "نحن لا نملك خيارًا إلا المشاركة في الانتخابات"، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن "العين تنصب حاليًّا على اللوائح التي سوف تتشكل إذ إنه يبقى هناك خوف من الانقسامات الكبيرة التي لو حصلت بين القوى التغييرية أو المجتمعات المدنية فلن يكون لتصويتنا فائدة".
ويشير كريم إلى أن عدد الناخبين المسجلين بين نورث كارولاينا وساوث كارولاينا يبلغ نحو 500 شخص، ومن خلال الحوار معهم يبدو أنهم لن يتجهوا للاقتراع في حال لم يجدوا لوائح تغييرية موحدة.
ويضيف أنه في الدورة الماضية شارك أيضًا في عملية الاقتراع، ولكن تصويته كان لحزب من المنظومة السياسية الموجودة منذ زمن في لبنان، إلا أن حاليًّا "الوضع ما عاد بيسمح".
زينب، شابة ثلاثينية، انتقلت للعيش في دبي، أيضًا سجلت اسمها لتشارك في العملية الانتخابية. وتقول زينب لـ"لبنان 24" إنها ليست مع إلغاء الأحزاب الموجودة منذ زمن في لبنان ولكنها مع المحاسبة، مشيرة إلى أنها تعلم أن صوتها قد لا يحدث فرقًا في العملية الانتخابية بسبب قانون الانتخاب "الموجود على قياس السياسيين ولكن لا بد من التصويت لتشكيل نوع من الضغط عليهم".
من جهة أخرى، ثمة بعض المغتربين الذين لا يريدون أن ينتخبوا في الاستحقاق المقبل.
توفيق، مغترب ثلاثيني، يحب لبنان كثيرًا لكن الأوضاع أجبرته على الانتقال إلى كندا. يقول لـ"لبنان 24": "لم يعد لدي ثقة في أي حزب من الأحزاب المتواجدة التي انتخبت أحدها الدورة الماضية"، لافتًا إلى أنه لا يريد أن يذهب للاقتراع "لأن الصوت الذي أعطيه للقوى التغييرية لن يؤثر بوجود شعب لبناني لم يتعلم من الماضي ولا يزال متعصبًا لزعيمه الطائفي".
نجاة، مغتربة أخرى في دبي تقول إنها لن تعذب نفسها وتنتخب لأن "الصناديق جاهزة" و"التلاعب ماشي تحت الطاولة" وفق قولها لكي يحصل السياسيون على نتائج مرضية لهم.
وما بين الاقتراع وعدمه، يبقى الأمل بانتخابات شفافة ديمقراطية تعيد لبنان سيدًا مزدهرًا حرًّا مستقلًا.