كتب رامح حمية في الأخبار:
أشرقت شمس آذار أخيراً، لكن على مشهد محزن في أحراج السلسلة الغربية لقرى بعلبك- الهرمل. فقد شهدت الأسابيع الأخيرة توسّعاً في أعمال القطع الجائر للأشجار، ولم يميّز أصحاب الملكية والمشاعات ووضع اليد بين شجرة وأخرى، فامتدت أيديهم إلى أشجار السنديان والملول والزعرور البري بهدف بيعها للتدفئة. عمليات القطع كانت متواصلة، ليلاً ونهاراً، حتى خلال الطقس العاصف. أما نقل الحطب إلى الزبائن فكان يتمّ مباشرة، أو عبر "الديلفيري"، من خلال تحميله ونقله بالجرّارات الزراعية أو سيارات الدفع الرباعي وحتى سيارات الرابيد الصغيرة، بحمولات لا تتعدى 600 كيلو من حطب السنديان أو الملول.
يرفض أحد أبناء المنطقة أي سؤال سلبي عن قطع أشجار السنديان، مبادراً إلى الهجوم: "ما حدا يتفلسف علينا، بلا بيئة بلا ثروة حرجية. أريد أن أدفّئ عائلتي وأن أنفق عليها، لقد تخلّت الدولة عنّا كمواطنين وهي التي تدفعنا إلى مخالفة القوانين".
يدرك الرجل أن ما يقوم مخالف للقانون، لكنّ أزمة البحث عن سبل للتدفئة أرخت بثقلها على الأهالي، خصوصاً مع الارتفاع الكبير في أسعار المازوت والتي وصلت في الأيام الأخيرة إلى 850 ألف ليرة في غالبية المحطات. وإذا ما احتُسب سعر المازوت على سعر الـ750 ألف ليرة، وهو السعر الذي ساد في الأسابيع الأخيرة، تبلغ التكلفة 11 مليوناً و500 ألف ليرة في الشهر، وهو رقم يتخطى الممكن لدى تلك العائلات الفقيرة والمحدودة الدخل، وحتى الموظفين في الإدارات العامة والقطاعات الأمنية والعسكرية، بعدما فاق هذا الرقم الرواتب والمساعدات الاجتماعية على اختلافها، وأطاح بالحدّ الأدنى الرسمي للأجور.
تأمين الدفء للعائلة أتى على حساب أحراج السلسلة الغربية، التي قُطعت أشجارها تارة بطريقة مدروسة وعلى طريقة "التشحيل"، وأطواراً أخرى بطريقة جائرة. ويقول أحد مسؤولي الأحراج في المنطقة إن ما يحصل في أحراج السلسلة الغربية من قطع ليس إلا "حلاقة ع الناشف لمئات الدونمات" في إشارة الى القطع "غير المدروس والجائر" بدءاً من أحراج شمسطار وبيت الصليبي وطاريا إلى بيت مشيك وبوداي ودار الواسعة ودير الأحمر وبرقا والقدام وصولاً حتى جرود الهرمل.
ويؤكد المسؤول أن أعمال "القطع تحصل بلا هوادة، فيما مراكز الأحراج الستة التابعة لوزارة الزراعة في كلّ من شمسطار وشعث ودير الأحمر وبعلبك والنبي شيت والهرمل تقف بلا حول ولا قوة، إذ لا مقوّمات تمكّن المكاتب من قمع المخالفين وسط كل هذه الفوضى الاجتماعية والاقتصادية، وجلّ ما نقدر عليه هو تنظيم المخالفات على الرغم من أنها من دون جدوى، في الوقت الذي نعاني فيه من عدم توفّر الآليات أو البنزين لتسييرها فكيف تريدنا أن نعمل ولا أحد في الدولة يردّ علينا أو يقف إلى جانبنا، لا أجهزة أمنية ولا حتى وزارتنا أو البلديات" يقول باستياء عارم.