رغم الاستغراق العام في حمى الانتخابات النيابية وما يرافقها من فرز سياسي، تبقى المسألة الاقتصادية وكيفية الخروج من النفق المظلم الأولوية التي لا ينبغي الاستسهال في تداعياتها على الاستقرار الداخلي.
انطلاقا من ذلك ، تكمن ضرورة عدم هدر مزيد من الوقت والفرص، خصوصا في ظل أزمة احتجاز الودائع المصرفية وما بتفرع عنها من إنعكاسات على الاستقرار الداخلي ، ووسط انطباع عام عن محاولات تحميل المودعين جزءا من خسائر الانهيار الاقتصادي من جنى أعمارهم بشكل ظالم للغاية.
كما يدخل، في إطار المبالغات السياسية تصوير الحفرة التي يتخبط فيها لبنان اقتصاديا بأنها محاولة لتغيير وجهته من الاقتصاد الحر إلى شكل من الأشكال الاقتصاد الموجه و التي عانت منه الكتلة الاشتراكية في أوروبا وأوصل بلاد أوروبا الشرقية إلى حدود الإفلاس في أواخر القرن الماضي.
في هذا المجال، يكشف خبير إقتصادي عن اقتراحات تقدم بها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في الفترة الماضية للتخفيف من وطأة ازمة الودائع قوبلت بالصد والإهمال من فريق سياسي بارز نتيجة تركيز حملة شرسة لاقالة سلامة في الأشهر الأخيرة من عمر العهد.
ويؤكد الخبير المذكور، عن اقتراح بقي أسير المراسلات يقضي بتصفير نحو 80 % من الحسابات بالدولار في المصارف و صرفها لأصحابها كونها تحت هامش 150 الف دولار، ما يقضي بضخ سيولة تساعد في فك حالة الانكماش الحاصلة، التي جعلت الاقتصاد يدور حول نفسه و لا يسمح بالخروج من المأزق الذي يتخبط فيه منذ نحو سنتين وأكثر.
بغض النظر، عن صوابية نظرية السماح بسحب أجزاء من الودائع المصرفية و والعمل على تنشيط ضخ السيولة ، يبقى السر في قانون "الكابيتال كونترول" من دون العمل على إتمامه، خصوصا في ظل حالة التجاذب بين الأطراف السياسية حيال كيفية إقرار بنوده بالصيغة النهائية.
كما يتخذ الموضوع الشكل الفضائحي، في ظل كثرة الحديث عن عدم إنجازه خلال مهلة الشهر الفاصلة عن إجراء الانتخابات النيابية ،وترحيله إلى المجلس النيابي الجديد ،ما يعني رميه في المجهول في ظل ضبابية المرحلة المقبلة على الصعد كافة.