لا يمكن تصنيف دائرة الشمال الثانية (طرابلس ، الضنية والمنية) من ضمن الدوائر الصافية طائفيا على غرار الشمال الثالثة حيث التنافس السياسي على أشده بين 11 لائحة من مختلف الاتجاهات. ورغم ذلك تبقى لطرابلس تحديدا خصوصية معينة ليس من باب الغلبة العددية للصوت السني، بقدر ثقل الحركات الإسلامية الذي يعاني حاليا التشتت في زحمة اللوائح.
سياسياً، تتوزع مختلف التيارات والأحزاب في ارجاء طرابلس تشكل نسيجا سياسيا فريدا، لكن التيارات الإسلامية لها خصوصيتها كونها تحمل ثقلا شعبيا ينبغي التوقف عنده، خصوصا في ظل تشتت الصوت الاسلامي، إن جاز التعبير، على مختلف اللوئح.
لذلك يمكن تصنيف التيارات الإسلامية الأساسية في المدينة بأربعة اجنحة هي:
السلفيون، اذ تعتبر طرابلس الحاضن الأوّل لهم حيث يوجد فيها أكثر من معهد ومسجد وجمعية تابعين لهم وقد امتد نفوذهم وانتشارهم نحو مختلف المناطق الشمالية وابرزها الضنية وعكار. اما في الحياة السياسية، فيتوزع السلفيون على قسمين. القسم الاول لا يعترف ولا يشارك في الانتخابات النيابية على اعتبار انها غير جائزة، فيما يعتبر القسم الثاني المنتمي الى السلفية العلمية المتقدمة ان المشاركة في الانتخابات النيابية واجبة طالما انها ضمن الوطن الذي ننتمي اليه. ومع وفاة داعي الاسلام الشهال (مؤسس الحركة السلفية) وانكفاء الدكتور حسن الشهال (رئيس جمعية الهداية والاحسان)، لم يتقدم اي شخص من الحركة السلفية الى الانتخابات النيابية.
الحركة الثانية التي تنشط في طرابلس منذ العام 1956 هي الجماعة الاسلامية، اذ يُعدّ حضورها في الشمال اساسيّاً لا سيما في طرابلس، الضنية، المنية وعكار، وهي من اكبر الحركات الاسلامية التاريخية الموجودة في البلد وكانت لديها تجارب مهمة جدا في موضوع الانتخابات النيابية لا سيما في العام 1996 عندما مثلها في الندوة البرلمانية الراحل الداعية الدكتور فتحي يكن والمحامي اسعد هرموش عن طرابلس والضنية يوم كان الشمال دائرة انتخابية واحدة، ليعود النائب اسعد هرموش الى تمثيل الجماعة مجددا قبل ان ينسحب منها ويشكل حالة اسلامية خاصة به.
وقد شهدت الجماعة الاسلامية خلال الدورات الانتخابية السابقة، انتكاسات كبيرة تمثلت في سقوط امينها العام فيصل مولوي في انتخابات العام 2000 اضافة الى عدد من القيادات التي ترشحت في ما بعد. حيث بقيت الجماعة بعيدة عن التمثيل في طرابلس والضنية لاكثر من دورة انتخابية.وهي اليوم تستعد لخوض الانتخابات المقبلة في دائرة الشمال الثانية عبر امينها العام عزام الايوبي في طرابلس ومسؤول الجمعية الطبية محمد السيد في الضنية ومحمد الدهيبي في المنية بتحالف مع إيهاب مطر و المجتمع المدني .
اما حركة التوحيد الاسلامي والتي كانت طرابلس معقل انطلاقتها، فنجحت في تجربة انتخابية واحدة يتيمة. اذ اقتصرت على الانتخابات البلدية وذلك عندما شكل امير حركة التوحيد الاسلامي الشيخ الراحل سعيد شعبان لائحة "الاصلاح" للانتخابات البلدية عام 1998 وضمت ائتلافا اسلاميا ونجح منها 10 اعضاء من اصل 11.
بعد وفاة الشيخ سعيد شعبان تسلم نجله الشيخ بلال شعبان الامانة العامة للحركة وهو ترشح الى جانب الرئيس الراحل عمر كرامي في العام 2009 لكن لم يحالفه الحظ. كما ترشح الى الانتخابات الحالية الا انه لم يتسن له الدخول الى اي لائحة فسقط ترشيحه بشكل تلقائي.
من جهتها جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية او الاحباش، والتي انشئت اثر الاحتلال الاسرائيلي للبنان في العام 1982، لديها في منطقة الشمال مرشح واحد خاض عدة دورات انتخابية ولم يحالفه الحظ هو رئيس فرع الجمعية في الشمال طه ناجي الذي كان يمتلك فرصة حقيقية في انتخابات عام 2018 وتشير المعلومات الى انه نجح في هذه الانتخابات لكن تم اسقاطه لمصلحة ديما جمالي التي طعن طه ناجي بنيابتها امام المجلس الدستوري ونجح في ابطالها لكنه لم يتقدم الى الانتخابات الفرعية ضدها مجددا انطلاقا من معرفته بان لا حظوظ له في معركة من هذا النوع.
اما في الاستحقاق الانتخابي للعام الحالي، فقد ترشح طه ناجي على لائحة "الارادة الشعبية" بالتحالف مع النائب فيصل كرامي والنائب جهاد الصمد وتؤكد استطلاعات الرأي بأنه قد يحالفه الحظ لان يكون اخيرا نائبا عن طرابلس.