مثل سائر الدوائر الانتخابيّة في لبنان، دخلت دائرة الشوف - عاليه العدّ العكسي قبل انطلاق المرحلة الأولى من اقتراع المغتربين ضمن الانتخابات، يوم غدٍ الجمعة.
ضُمنياً، فإنّ الدائرة تشهدُ "استنفاراً" انتخابياً على كافة المقاييس، إذ يسعى المرشحون لرصّ صفوفهم شعبياً، في الوقت الذي ازدادَ فيه الحديثُ عن سيناريوهات مرتبطة بنتائج الانتخابات.
فعلياً، فإنّ اللوائح العديدة تُواجه انقساماً جدياً، خصوصاً تلك التي تمثل مجموعات "ثورية"، وما تبيّنه معطيات الشارع هو وجود انقسام واضح بين الناس. ففي ما خصّ لوائح الأحزاب التقليدية، فإن ما يبدو جلياً هو أن هناك توجهاتٍ واضحة من الناس للاقتراع لها وذلك بسبب "الضبابية" التي تكتنف اللوائح "الثورية" وتحديداً تلك التي جرى تصويرها على أنها "قوية" بما في الكفاية لإحداثِ خروقات في صفوف "لوائح السلطة".
في المقابل، فإنّ هناك فئة واسعة من الناس تسعى بقوّة لتعزيز مكانة لوائح القوى التغييرية في الشوف - عاليه، وذلك لتثبيت وجودها والانتفاض على الأحزاب التقليدية استناداً لقاعدة "ما قدمولنا شيء".
وفي ظلّ "الضجيج الانتخابي" المتصاعد، تعزّزت خلال الأيام القليلة الماضية معطيات عن علاقات تجمعُ "اللوائح الثورية" بأحزابٍ سلطوية وأخرى كانت مُشاركة في السلطة، ولديها نوابٌ في المجلس النيابي. فعلى سبيل المثال، فإنّ فقد طُرحت تساؤلات عديدة بشأن لائحة "توحدنا للتغيير"، وذلك بسبب أمور ارتبطت بها مؤخراً على الصعيدي السياسي أو التمويلي.
يوم أمس، كان رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" سامي الجميل واضحاً في تبينه ترشيح صعود أبو شبل ضمن لائحة "توحدنا للتغيير"، وهو الأمر الذي يتعارض تماماً مع ما روجّه أقطاب اللائحة في أوقات سابقة حول عدم إمكانية تحالفهم مع "الكتائب" .
كذلك، فإنّ ما أعلنه الجميل إنما يتناقض تماماً مع شعارات رفعتها جهات سياسية تدعم "توحدنا للتغيير" وأساسها إنه "لا تحالف مع الكتائب".
وهنا، تقول مصادر سياسية إن "كشف الجميل عن دعم أبو شبل يعني أن الكتائب ستصوّت للائحة، ما يعني تشكيل رافعة لها"، وأضافت: "كيف سيفسر أقطاب اللائحة وداعموها مواقفهم أمام الناس بعدما قالوا سابقاً إنهم لا يتحالفون مع حزب الكتائب، بينما تبين أن أبو شبل هو مدعوم من الأخير؟".
"القوات" تدخل على الخط
مع كل هذا، فقد خرج قبل أيام قليلة المرشح على لائحة "الشراكة والإرادة" في دائرة الشوف - عاليه النائب جورج عدوان، بتصريحٍ تلفزيوني تطرّق فيه إلى قدرة لائحة "توحدنا للتغيير" ضمن الدائرة على إحداث خرقٍ انتخابي.
في كلامه، بدا واضحاً أنّ عدوان راح يرفعُ من أسهم مرشحين معينين ضمنَ اللائحة الأخيرة، معتبراً أن المرشحة عن المقعد السني ضمنها حليمة القعقور هي التي ستتمكن من انتزاع الخرق النيابي لصالح لائحتها، وذلك في حالِ لم يفُز المرشح عن المقعد السني ضمن لائحة "الشراكة والإرادة" سعد الدين الخطيب.
بشكلٍ أو بآخر، فإنّ ما قاله عدوان، برأي خبير انتخابي بارز، ليس دقيقاً، كما أنه يطرحُ تساؤلات عديدة عن رفعه أسهم مرشحين بعيدين عن لائحته مثل القعقور وأيضاً المرشح عن المقعد الدرزي ضمن لائحة "توحدنا للتغيير" مارك ضو.
يقول الخبير إنّ "الخطيب من خلال عائلته فقط، يمكنه انتزاع أصواتٍ يفوقُ عددها كل الأصوات التي قد تنالها القعقور في أكثر من بلدتين بالحد الأدنى. كذلك، فإنّ زميل القعقور ضمن اللائحة عماد سيف الدين بإمكانه الحصول على أصواتٍ تتجاوز نسبة الأصوات التي قد تنالها القعقور بشكل كبير، نظراً للحيثية التي يحظى بها ضمن عائلته ومنطقته".
ويضيف الخبير: "أما في ما خصّ المرشح على لائحة الجبل أسامة المعوش، فإن باستطاعته تجاوز القعقور بأشواط، في حين أن مرشح الجماعة الإسلامية محمد عمار الشمعة بإمكانه اكتساح الأصوات التفضيلية لمرشح سني في الدائرة، نظراً لقوة حزبه شعبياً. أما مرشح "الأحباش" أحمد نجم الدين فبإمكانه تجاوز حليمة القعقور بعدد الأصوات التفضيلية، وما يتردد مؤخراً هو أن النائب محمد الحجار يعمل لصالحه في بلدة شحيم، علماً أن نجم الدين مرشحٌ ضمن لائحة "الجبل" المدعومة من "التيار الوطني الحر والوزير السابق وئام وهاب والنائب طلال أرسلان".
عملياً، فإن المرشحين المذكورين آنفاً يعتبرون الأقوى "سنياً" على الساحة الانتخابية في دائرة الشوف - عاليه، والواقع هو أن التنافس كبيرٌ بين هؤلاء لانتزاع المقعد السني الثاني باعتبار أن الأول يعدّ بحكم المضمون لصالح النائب بلال عبدالله، المرشح على لائحة "الشراكة والإرادة".
تساؤلات
ما قاله عدوان بشأن لائحة "توحدنا للتغيير" جعل بعض الأوساط السياسية تتحدث عن علاقة للائحة المذكورة مع "القوات اللبنانية". فبعد كلام عدوان الأخير، برز كلامٌ في الشارع مفاده أن بعض المرشحين ضمن "توحدنا للتغيير" لديهم علاقات قوية ومتينة مع "القوات" مثل حليمة القعقور ومارك ضو. إضافة إلى ذلك، فقد طُرحت تساؤلات عن سبب عدم اعتبار عدوان لزميله في اللائحة سعد الدين الخطيب هو الأقوى من بين المُرشحين السنة، بينما ألمح علانية إلى أن القعقور هي التي قد تظفر بالمقعد السني.
بشأن النقطة الأخيرة، رجّحت مصادر سياسية في الشوف أن يكون كلام عدوان مقصوداً بشأن الخطيب، خصوصاً أن الأخير لم يُشارك في الإفطار الرمضاني الذي أقامته "القوات" يوم 23 نيسان الماضي.
كذلك، فقد رأت المصادر أن "هذا الأمر إنما قد يكشف عن أسلوب غير مباشر قد يضرّ بهدف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط لتعزيز حاصل لائحته"، مشيرة إلى أن "ما قيل يجب مراجعته فوراً والتأكد من خلفياته باعتبار أن هناك تحالفاً علنياً بين القوات والاشتراكي ضمن اللائحة".
ما قاله عدوان بشأن القعقور تم ترويجه من قبل مقرّبين من الأخيرة، في حين قيل أن المرشحة لديها علاقة جيدة جداً مع "القوات اللبنانية". مصادر القعقور قالت لـ"لبنان24" إنّ "ما أثير يعتبرُ من الأمور المضحكة"، وسألت: "حتى لو روج مؤيدون للقعقور فيديو عدوان، فهل تكون هي التي تبنت كلامه؟".
وأضافت المصادر: "القعقور لم تنشر أبداً فيديو عدوان على صفحتها الرسمية كما أشيع، وهي واضحة في شعارها المناهض للطبقة السياسية، ومن يريد أن يدقّ إسفيناً بين أعضاء اللائحة الواحدة، فإن محاولاته لن تنجح أبداً".
على صعيد الحواصل الانتخابية البالغ عددها 13 في الشوف - عاليه، فإن لائحة "الشراكة والإرادة" تسعى لانتزاع 7 أو 8 حواصل انتخابية. أما لائحة "الجبل" فتراهن على 5 حواصل، في حين أن لائحة "توحدنا للتغيير" تسعى لتحقيق حاصل انتخابي واحد، كما أن لائحة "سيادة وطن" تسعى لأن يكون الحاصل لها وليس لـ"توحدنا للتغيير". وبحال تبدلت التوقعات، فإن "سيادة وطن" قد تحصل على حاصل إلى جانب حاصل "توحدنا للتغيير"، وسيكون ذلك على حساب لائحتي "الجبل" أو "الشراكة والإرادة".
وبشكل فعلي، فإن لائحة "توحدنا للتغيير" مرجحٌ أنّ تحصل على حاصل انتخابي، بحال كان الخرق بالمقعد الماروني أو السنّي، والترجيح نفسه يتعلّق بلائحة "سيادة وطن".