كتبت زينب حمود في "الأخبار": بعد ثلاث سنوات من الانقطاع، عادت القروض السكنية إلى الواجهة من بوابة مصرف الإسكان اللبناني. يُفترض بهذا الخبر أن يشكل بشرى سارة، لولا أن شروط الإقراض وحجم القسط الشهري يكشفان أن هذه القروض تستهدف فئتَي الميسورين والمغتربين، الأولى حدّدها رئيس مجلس إدارة المصرف ضمنياً والثانية صراحة.
أعلن رئيس مجلس الإدارة، المدير العام لمصرف الإسكان اللبناني، أنطوان حبيب أن مشاريع قروض سكنية قديمة ومستحدثة، موزّعة بين شراء، بناء، وترميم، ستُطرح على طاولة مجلس إدارة المصرف في الأيام المقبلة. وذلك بعدما "قطعت اتفاقية القرض الميسّر من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي (ومقرّه الكويت) أشواطاً، وأُقرّت في مجلس النواب ونالت موافقة مجلس الوزارء الكويتي. وتبلغ قيمة القرض 50 مليون دينار، أي ما يعادل 164 مليون دولار"، كما يقول حبيب في حديث مع "الأخبار". وبانتظار تحرير "القرض الكويتي"، سيبدأ المصرف باستخدام أمواله الخاصة في عملية الإقراض التي تساوي 430 مليار ليرة، ما يعني أن المشروع جاهز ولا ينقصه غير إنهاء المعاملات الرسمية في وزارات الشؤون الاجتماعية، البيئة، والمالية.
المبلغ المرصود لكلّ قرض قد يصل بالحد الأقصى إلى مليار ليرة، يُسدّد على مدار 30 عاماً، والإقراض سيكون بالليرة اللبنانية حصراً، مع شرط تسديد دفعة مسبقة تراوح قيمتها ما بين 10% إلى 20% من قيمة القرض، وتسديد فائدة 5% (كانت 6% وانخفضت إلى 5% بعد دعم المصرف 1%). أما "الشرط التعجيزي" بحسب وصف كثيرين فهو "ألا يقل راتب المقترض عن 15 مليون ليرة، أو أن يوازي القسط الشهري ثلث راتبه أو راتبه مع راتب زوجته". فكيف يبرّر حبيب هذا الشرط؟ "الحدّ الأدنى المطلوب هو الدخل العائلي وليس راتب المقترض وحده، ويمكن للمقترض أن يؤمّن كفيلاً إذا كان دخله أقلّ من الحد الأدنى المطلوب". ويوضح: "تختلف قيمة القسط الشهري بحسب قيمة القرض، فإذا ضربنا الحدّ الأدنى للأجور بعشرة واعتبرنا أن ثلاثة من أفراد العائلة يعملون، نحصل على ما يزيد عن 15 مليون ليرة دخل شهري، وهو الحد الأدنى لمقترض يطلب قرضاً بمليار ليرة. أما إذا كان القرض المطلوب يساوي 500 مليون ليرة فالحد الأدنى للدخل العائلي يصبح حوالي سبعة ملايين ليرة".
صحيح أن مصرف الإسكان لطالما غطّى قروض الطبقة المتوسطة العليا، إلا أن حبيب شدّد، خاصة في مقابلته مع صحيفة الرأي الكويتية، على أن "هذه القروض موجّهة بالأخصّ إلى ذوي المداخيل دون المتوسطة، سواء كانوا من الموظفين في القطاعين العام والخاص أو من ذوي المهن الحرة". وأكد ذلك لـ"الأخبار" بالقول: "القروض محصورة بذوي الدخل المحدود في المناطق والقرى، أما الميسورون الذين يريدون شراء شقة في بيروت فعليهم أن يقصدوا المصارف التجارية". فمن هم الفقراء والميسورون في نظر مصرف الإسكان؟ أليس معروفاً أن رواتب موظفي القطاعين العام والخاص لا تتعدى في أحسن الأحوال ثلث الحد الأدنى للراتب الذي يشترطه المصرف للإقراض؟ برأي حبيب، "من يتقاضى ستة ملايين شهرياً أو أقل لا يمكنه أن يشتري شقة، فهل نطلب منه مثلاً تسديد ثلاثة ملايين شهرياً ولا يبقى معه غير ثلاثة يدفعها ثمن فاتورة اشتراك الكهرباء؟"