أخيرًا، خرجت الانتخابات النيابية التي لا يزال يحلو لكثيرين "التشكيك" بحصولها، من دائرة "التكهّنات"، لتصبح أمرًا واقعًا، مع "تجاوز" السلطات بنجاح أولى مراحلها، وربما أكثرها "تعقيدًا وغموضًا"، من خلال "إنجاز" الاستحقاق في مختلف دول الاغتراب والانتشار، يومي الجمعة والأحد، لتأتي النتيجة وفق كثيرين "أفضل ممّا كان متوقَّعًا"، في ظلّ الظروف "المتلبسة" التي أحاطت بالعملية برمّتها.
ويعتقد كثيرون أنّ العملية الانتخابية التي تعاونت في تنظيمها وزارتا الداخلية والخارجية، شكّلت "بروفا" واعدة ومبشّرة لليوم الانتخابي "الموعود" يوم الأحد المقبل، رغم كلّ الظروف المحدقة، ولا سيما أنّ إدارة العملية كانت ناجحة إلى حدّ بعيد، بشهادة المنظمات المدنية التي تولّت مراقبة الاستحقاق، وأشادت بأداء وزارة الخارجية وتعاونها وتنظيمها، ولا سيما أنّ التنسيق كان مباشرًا مع مختلف السفارات والقنصليات في الخارج.
ورغم تسجيل بعض المخالفات والانتهاكات التي وُصِفت بـ"البسيطة"، وقد تُعَدّ "عادية" مقارنة مع أيّ استحقاق انتخابي، على غرار الدعاية الانتخابية داخل مراكز الاقتراع وفي محيطها، والضغوط التي تُمارَس على الناخبين في أكثر من مكان، فإنّ "البروفا الانتخابية" أعطت "لمحة" عن وجود "حماسة" لدى اللبنانيين لاستحقاق طال انتظاره، وسط تساؤلات عمّا إذا كانت "العدوى" ستصيب المقيمين في الداخل.
تنظيم وحماسة
بين الجمعة والأحد، تصدّر المشهد الانتخابي في الخارج "الأجندة الداخلية" وفرض نفسه "حدثًا بلا منازع"، في ظلّ استنفار عالي المستوى من قبل وزارة الخارجية التي تحوّلت إلى "غرفة عمليات"، تفقّدها كلّ من رئيسي الجمهورية ميشال عون ونجيب ميقاتي، وشهدت "زحمة" إعلاميّين وصحافيين، ولكن أيضًا من هيئات المراقبة المدنية، سواء المحلية عبر الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات، أو الدولية على غرار بعثة الاتحاد الأوروبي.
وفيما كانت الإشادة بالتنظيم الحيّد لعمليات الاقتراع لافتة، توجّهت الأنظار إلى نسب الاقتراع التي سُجّلت، في ظلّ "حماسة" بدت لافتة في معظم دول الانتشار على التوجه إلى مراكز وأقلام الاقتراع، التي شهدت بعضها "زحمة"، وصلت إلى حدّ "الطوابير" كما حصل مثلاً في مقرّ القنصلية اللبنانية في دبي، وإن ترافقت مع "شكاوى" لدى كثيرين، ولا سيما أنّ نسبة المقترعين كانت متوقعة، نسبةً إلى عدد من سجّلوا أسماءهم، وبالتالي فهي لم تكن مفاجئة.
لكن، رغم "الحماس الظاهر"، ثمّة من يعتقد أنّ نسب الاقتراع التي سجّلت في دول الاغتراب، والتي لامست الـ60 في المئة بصورة تقريبية، لم تكن على قدر التوقعات، بل "مخيّبة"، ولو أنّ الأعداد سجّلت ارتفاعًا أكثر من لافت مقارنة مع عام 2018، والسبب في ذلك أنّ هذه النسبة لا تحتسَب بناءً على لوائح شطب قد تضمّ أمواتًا وغير مكترثين، إنما نسبة إلى أشخاص سجّلوا أسماءهم وكانت لديهم رغبة شخصية للمشاركة، لكن كثيرين منهم عدلوا عن ذلك.
ماذا عن المخالفات؟
وإذا كان هناك من يعتقد أنّ هذا "التفصيل" قد يعكس "دلالات" تستحقّ النقاش، ولا سيما أنّ "الرهانات" كانت كبيرة على انتخابات المغتربين تحديدًا، والعدد الذي سُجّل للمشاركة فيها، لـ"قلب" النتيجة في لبنان، فإنّ الأنظار ستبقى "مشدودة" نحو انتخابات الداخل المقرّرة الأحد المقبل، والتي ستكون الأيام "الفاصلة" عنها أكثر من "حامية"، ولا سيما مع انتهاء مرحلة "الصمت الانتخابي"، قبل أن تعود الأربعاء حتى مساء الخميس، وفجر السبت.
وبالانتظار، يبقى من "المجدي" التوقف عند بعض المخالفات التي سُجّلت على هامش العملية الانتخابية في الخارج، والتي بدت "بسيطة" بالنسبة إلى كثيرين، ولا تؤثر بشكل مباشر على نزاهة عمليات الاقتراع أو ديمقراطية الانتخابات ككلّ، لكون الانتهاكات التي سجّلتها الجمعيات المعنية، وعلى رأسها "لادي"، لم تبدُ فاقعة أو فاضحة، رغم بعض "الإشكالات" المحدودة التي حدثت في أكثر من مكان، وقد تمّ توثيقها.
وبحسب ما نقلته هذه الهيئات، فإنّ الانتهاكات التي سُجّلت بين يومي الجمعة والأحد، تركّزت بشكل أساسي على وجود دعاية انتخابية كثيفة داخل مراكز الاقتراع وفي محيطها، ما يشكّل خرقًا للصمت الانتخابي، فضلاً عن تسجيل بعض الحالات لتصوير أوراق الاقتراع الرسمية، أو مرافقة ناخبين خلف المعزل، ما يشكّل خرقًا لسرية الاقتراع، فضلاً عن توجيه مندوبين لبعض الناخبين، وهو ما من شأنه أن يضرّ بسلامة العملية الانتخابية.
في مطلق الأحوال، يمكن القول إنّ انتخابات المغتربين "مرّت بسلام"، لتشتدّ الأنظار نحو انتخابات الداخل المقرّرة الأحد المقبل، والتي سيسبقها أسبوع "ساخن"، قد يكون حافلاً بالأحداث والمفاجآت، ولكن أيضًا بـ"الإشاعات" التي بدأت في الساعات الأخيرة، مع حديث عن "تأهّب واستنفار" في أكثر من مكان، وتداول "سيناريوهات" قد لا يكون الشارع بعيدًا عنها، بشكل أو بآخر..