بات انتخاب رئيس مجلس النواب احد ابرز عناوين الاشتباك السياسي في المرحلة المقبلة خصوصا في ظل عملية التصعيد التي تقودها "القوات اللبنانية" تجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري على اعتبار انها لن تصوت له لرئاسة المجلس بل تبحث عن شخصية اخرى.
ربط "القوات" انتخاب رئيس مجلس بموافقته على شروط سياسية يأتي من خارج السياق العام وغير متناسب مع التوازنات الجديدة داخل المجلس النيابي، اذ لا يوجد اي مرشح شيعي خارج كتلة حزب الله وحركة امل ما يعني ان القوى المعارضة لبري لا يمكنها ايجاد اي مرشح تخوض عبره معركة ازاحة بري.
ثانيا لا تملك القوى المعترضة على بري اكثرية نيابية تؤهلها لازاحته عن رئاسة المجلس النيابي، فالرجل سيحظى بأصوات الثنائي وحلفائهما اضافة الى اصوات "التيار الوطني الحر" الذي لم يعلن موقفه حتى الان، لكن السياق الطبيعي للامور ان يصوت "التيار" لبري في هذه المعركة نظرا لحساسيتها بالنسبة لحزب الله.اضافة الى هؤلاء فنواب الحزب الاشتراكي واخرين مستقلين ونواب المستقبل الحاليين سيكونون الى جانب بري.
وحتى لو لم يرد "التيار الوطني الحر" التصويت لبري ، فإن الاكثرية النسبية ستكون كفيلة بإيصال رئيس حركة امل الى رئاسة المجلس خصوصا ان القوى المعارضة له، مهما كبر حجمها، لن تستطيع تشكيل اكثرية والتصويت لشخص اخر سيكون في الاصل في كتلة بري وسيرفض المنصب.
حتى ان بري هو رئيس السن وعليه فانه سيترأس جلسات مجلس النواب كيفما سارت عملية اختيار رئيس مجلس النواب. لكن الاخطر هو ما بدأ بعض النواب الجدد طرحه ومفاده انه من غير الضروري ان يكون رئيس مجلس النواب من ابناء الطائفة الشيعية، لان هذا الطرح سيوصل الى ازمة دستورية هائلة.
ان الذهاب بإتجاه فتح نقاش حول طائفة رئيس المجلس سيفتح نقاشا حول طوائف جميع الرؤساء وموظفي الفئة الاولى، وهذا سيأخد الى فحص التوازنات الفعلية في البلد، سياسيا وشعبيا واقليميا.
ان محاولة عزل حزب الله واضعاف حلفائه وتحديدا الرئيس نبيه بري من خلال خلق اشكال دستوري مرتبط بتوليه رئاسة المجلس النيابي سيستفيد منه الحزب وسيحوله الى فرصة لفرض نقاش حول النظام السياسي اللبناني، خصوصا وأن هذا الطرح يحظى بتأييد فرنسي عبّر عنه الرئيس ايمانويل ماكرون اكثر من مرة.