بدأت المشاورات التمهيديّة لبلورة صورة تموضع الكتل النيابية الكبرى حول الخيارات الحكومية،قبيل دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون الى استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس الحكومة العتيد، في موعد سيحدد بعد تسلم دوائر القصر الجمهوري من مجلس النواب لائحة بأسماء الكتل النيابية.
وبات مؤكدا أن تداعيات جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه قبل يومين ستشكل عاملا اضافيا في تحديد اتجاهات هذا الاستحقاق . ويضج الوسط السياسي باكثر من سيناريو ، آخره الحديث عن تعويم الحكومة الحالية بمرسوم جديد، يسبقه تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة ، فيعيد تشكيلها من اعضاء الحكومة الحالية. كما يطرح البعض خيار تكليف شخصيات برلمانية وغير برلمانية تشكيل الحكومة ، وعدم تمكن الرئيس المكلّف ، أيا يكن ، من تشكيل حكومة جديدة، مما يعني حكما استمرار حكومة تصريف الاعمال في مهامها.
في المقابل تتريث القوى كافة في الكشف علنا عن خياراتها في انتظار الدعوة الى الاستشارات النيابية. لكن اللافت في هذا الاطار إستعجال البعض رسم اطار اصطفافي جديد يذكّر بالاصطفاف السابق بين " قوى الرابع عشر من آذار" و" قوى الثامن من آذار"، في حين ان حجم الانهيار الذي يعيشه الوطن يتطلب مقاربة مختلفة وتعاونا لانهاض الوطن وانقاذ شعبه.
وبات من الواضح ان نتائج الجلسة النيابية الاولى دفعت هذا البعض الى التصعيد المبكر بالتماهي مع وسائل اعلام تدور في فلكه، "صوّبت بندقيتها" اليوم في اتجاه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، فيما "نداء الوطن" و" نداء الشعب" ينحو نحو التعاون بين الجميع للانقاذ.
مصادر ميقاتي ردت على الحملة المبكرة بالقول "ليست المرة الاولى التي يتعرض فيها ميقاتي لحملة مماثلة ولكنها لا تغيّر في الواقع العملي شيئا، فميقاتي الذي يمد يده الى جميع اللبنانيين يتعاطى مع الشؤون الوطنية بعيدا عن الاصطفافات، واذا كان البعض مأزوما في خياراته ومواقفه فليفتش عن هدف لمعركته غير الرئيس ميقاتي".
اضافت المصادر" لقد باتت سياسة التهجم والتصعيد علنا والتودد سرا مكشوفة للقاصي والداني، والمطلوب مواقف تأخذ في الاعتبار ما وصل اليه الوطن وشعبه، لا العودة الى اصطفافات اثبتت عقمها عندما كانت" الاكثرية والاقلية" واضحة وضوح الشمس ، فكيف اليوم، ولا احد قادرا على رسم خارطة واضحة للتوزيعات البرلمانية والسياسية".
وتختم المصادر بالقول" لقد كان ميقاتي واضحا في تحديد خياراته وموقفه، في حديثه التلفزيوني الاخير الى "قناة الجديد"، فمن تولى رئاسة الحكومة لثلاث مرات في اصعب مراحد مرّ بها لبنان، واستطاع بحكمته نقل البلد في ضفة التشرذم والانهيار ، الى ضفة الاستقرار المطلوب استكماله بتعاون بناء بين الجميع، لا ينتظر شهادة حسن سلوك من أحد، او ان يحدد له أحد موقعه.فليقلع من يعرفون انفسهم عن اساليب بالية لم تعد تنطلي على أحد، وليتوقفوا عن كتابة الاضاليل بحبر جف مفعوله منذ ايام الاصطفافات السابقة".