كتب غسان ريفي في "سفير الشمال":
من المفترض أن يكتمل اليوم الجمعة عقد اللجان النيابية في الجلسة العامة التي دعا إليها الرئيس نبيه بري عند الثالثة من بعد الظهر لانتخاب لجان الصحة والعمل والتربية، على أن تتجه الأنظار بعد ذلك، الى الاجتماع في قصر بعبدا لتنسيق الموقف اللبناني حول الحدود البحرية قبل زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، على أن يعقب ذلك، دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون الى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس للحكومة الجديدة والتي من المفترض ان تجري منتصف الاسبوع المقبل أو نهايته.
في غضون ذلك، باشرت الكتل النيابية الأساسية وبعض النواب المستقلين والتغييريين المشاورات كل على حدة، للبحث في الملف الحكومي ومقاربته من جهة الشكل والمضمون والتوازنات، حيث أعلنت مصادر بعض تلك الكتل أنها تدرس خياراتها وأنها بدأت بوضع مواصفات للرئيس العتيد وللحكومة الجديدة، في حين ذهبت كتل أخرى الى طرح شروط سواء حول تشكيل حكومة سياسية، أو حكومة سيادية، أو حكومة من مستقلين إختصاصيين، أو حكومة تحاكي التبدلات التي شهدها مجلس النواب بعد إنتخابات 15 أيار الفائت.
وتأتي هذه الطروحات إنطلاقا من مخاوف بعض التيارات السياسية من إمكانية فقدان نفوذها أو عدم وجودها في الحكومة المقبلة التي قد تتحول الى الحاكم الفعلي في لبنان في حال تعذر إنتخاب رئيس جديد للجمهورية ودخول البلاد في مرحلة الفراغ الرئاسي، علما أن هذه المخاوف تكبر وتتقدم من إمكانية عدم التوافق على تأليف حكومة جديدة، وهذا أمر مرجح، ما يعني بقاء حكومة تصريف الأعمال الى ما بعد إنتهاء ولاية الرئيس عون وقيادتها الفراغ الرئاسي،
وفي هذا الاطار، لا يخفي البعض قلقه من إمكانية أن يعمل مستشارو القصر على فبركة فتاوى أو إجتهادات دستورية تقنع الرئيس عون الذي سبق وأكد أنه لن يبقى لحظة في قصر بعبدا بعد 31 تشرين الأول المقبل، بعدم تسليم صلاحياته الى حكومة تصريف أعمال، ما سيدخل البلاد في متاهة لا يعلم أحد الى ماذا ستنتهي.
حتى الآن لا توجد أسماء جدية مطروحة للتكليف برئاسة الحكومة، وما يتم التداول به لا يعدو كونه بالونات إختبار بهدف جس النبض أو محاولة لابتزاز الرئيس ميقاتي الذي لا يختلف إثنان على أنه الأقدر على قيادة المرحلة وعلى إستكمال ما بدأته حكومة “معا للانقاذ” على أكثر من صعيد.
واللافت أن بعض الكتل النيابية التي تحاول فرض شروطها تفتقر بشكل كامل الى الواقعية السياسية، خصوصا أن الرئيس ميقاتي سبق وأعلن أكثر من مرة أنه غير متحمس لترؤس الحكومة الجديدة، وبالتالي فإنه لن يهرول الى التكليف ولن يقبل بشروط أو إملاءات كما أنه سيواجه أي محاولة للابتزاز السياسي.
لا يطمح ميقاتي الى ترؤس حكومة بمتاريس سياسية، أو حكومة إدارة أزمة، أو حتى حكومة تقطيع وقت تشكل هدرا للجهد، خصوصا أن ما بدأه في حكومته يستحق أن يُستكمل وأن يتحول الى ورشة عمل إنقاذية وطنية لما فيه من مصلحة للبلاد والعباد.
لذلك، فإن قبول ميقاتي الاستمرار بحمل كرة النار دونه شروط أساسية سبق وأبلغها الى رئيس الجمهورية والى من يعنيهم الأمر، وهي وضع المصلحة الوطنية فوق كل إعتبار، وأن تكون الأولوية لاستكمال مهمة وقف الانهيار بتعاون المجلس النيابي والتيارات السياسية مجتمعة، وفي مقدمة ذلك إقرار الاصلاحات وخطة التعافي وتسريع عجلة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ووضع خطة الكهرباء على سكة التنفيذ وعدم وضع العصي في الدواليب، خصوصا أن أحدا لا يمتلك ترف الوقت أمام الانهيار المحيط بالبلد والذي قد يتسارع الى ما لا يحمد عقباه في حال إنتهت ولاية عون من دون حكومة، أو تأليف حكومة قابلة للتفجير من الداخل في أي لحظة.