لم يمر كلام رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عشية انفجار المرفأ بحديثه عن أنه مرشح طبيعي لرئاسة الجمهورية مرور الكرام. البعض اعتبر أن كلام جعجع "نكتة" في الظروف الحالية التي يمر بها خصوصًا وأنه "لم يترك له صاحبًا" على الساحة اللبنانية، بينما رأى آخرون أن لكلام جعجع أهدافًا مبطنة خصوصًا وأنه يعلم أن فرصة وصوله إلى سدة الرئاسة حاليًّا معدومة.
مصادر متابعة للملف الرئاسي مقربة من جبهة الثامن من آذار اعتبرت أن هناك "استحالة موضوعية لوصول جعجع إلى سدة الرئاسة في لبنان إذ إن هناك استنكارًا عارمًا تجاهه من قبل القوى المسيحية والمسلمة في الوقت نفسه حاليًّا، كما أن القوات اللبنانية تقف بحالة عدائية مع حركة المقاومة في لبنان المتمثلة بحركة أمل وحزب الله وقضية المقاومة بالنسبة لها لا تعني شيئًا"، وهذا ما يزيد الطين بلة بالنسبة إلى حال جعجع.
فهل المرشح الرئاسي بحاجة إلى موافقة ورضى حزب الله عليه ليصل إلى قصر بعبدا؟
هنا أشارت المصادر لـ"لبنان 24" إلى أنه "دستوريًّا من الممكن أن يأتي رئيس للجمهورية من دون موافقة حزب الله ولكن واقعيًّا لا يمكن أن يحصل هذا الأمر، لأن حزب الله ليس لاعبًا فقط في الفيتو ولكنه لاعب مسهل للحصول على كتلة صوتية عالية تؤهل المرشح للوصول إلى الرئاسة".
واستغربت المصادر كلام جعجع حين قال إن هناك احتمالًا يكمن بأن تتفق المعارضة على مرشّح واحد مشيرًا إلى العمل على هذا الاحتمال، قائلةً أن "حتى المجتمع المدني الذي وصل إلى البرلمان غير متفق مع جعجع".
في السياق، أشارت مصادر متابعة أخرى مناهضة لخط الممانعة لـ"لبنان 24" أن جعجع يقصد بالمعارضة المكونات المعارضة لحزب الله، لافتًا إلى أن "المعارضة في لبنان تشبه حال 14 آذار في لبنان قبل انتخاب عون رئيسًا للجمهورية حين كانت لديها أكثرية في مجلس النواب تجاوزت 76 نائبًا وبالرغم من ذلك لم تستطع أن تأتي برئيس من صفّها"، قائلة: "بالتالي هناك نتيجة أساسية على الجميع أن يعرفها تكمن في أن الرئيس لا يتم اختياره من الداخل بل من الخارج وإذا كان هناك طرف يمكن التفاوض معه داخليًّا بخصوص هذا الملف فسيكون مع الطرف الأقوى المتمثل حاليًّا بحزب الله".
وأكدت المصادر أنه "حتى في حال افترضنا أن رئيس الجمهورية سينتخب محليًّا فهو بحاجة للتحالف مع عدد من المكونات وفي حالة جعجع فهو اختلف مع الكتائب والسنّة المستقليين والحزب التقدمي الاشتراكي وبالتالي لا يوجد له حلفاء".
ووفق المصادر، فإن سياسة جعجع في الملف الرئاسي غير ناجحة ليس فقط حاليًّا بل أيضًا في الدورة الماضية حين كان مسؤولًا عن إيصال عون إلى الرئاسة. وفي هذا الإطار، قالت إن النائب "ستريدا جعجع قالت مؤخرًا إن على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط احترام الإرادة الشعبية والمرجعية العليا للمسيحيين في موضوع رئاسة الجمهورية، ولكن في الماضي الجميع احترم المرجعية الشعبية عندما تم التوافق بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على قاعدة "أوعا خيك" وإذ بعد فترة حمّل جعجع المكونات السياسية مسؤولية وصول عون إلى الرئاسة في الوقت أنه هو من كان مسؤولًا بعد حزب الله".
وأضافت أن "اليوم من الواضح أن جعجع بعيد كل البعد عن القصر الجمهوري وهو يعلم ذلك، أما المرشح الذي من الممكن الوصول إلى سدة الرئاسة هو مرشح توافقي يأتي من بعده مرشح من 8 آذار لسبب أساسي وهو أن هذه القوى متراصفة مع بعضها وفقط يحتاج الأمر إلى اتفاق مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ويصبح هناك 59 نائبًا متفقًين على مرشح واحد. أما القوى المعارضة لحزب الله فهي مشتتة إلى حد كبير".
وبما أن جعجع يعلم استحالة وصوله إلى سدة الرئاسة، فلماذا يلمح إلى ترشحه "الطبيعي" في هذا الوقت؟
في هذا الإطار أشارت المصادر إلى أن هدف جعجع من هذا الموضوع هو منافسة باسيل على المحاصصة على قاعدة من يكون عرّاب رئيس الجمهورية، قائلةً إن "باسيل يطالب بمواقع أساسية كقائد الجيش ومدير المخابرات وحاكم مصرف لبنان والصراع بينهما على هذه الأدوات بعدما أدركا أن إمكانية وصولهما إلى القصر الجمهوري معدومة".