كتب محمد شقير في "الشرق الاوسط": كشف مصدر سياسي بارز واكب الأجواء التي سادت الجولة الخامسة من مشاورات تشكيل الحكومة بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، أن ميقاتي لن يلوذ بالصمت إلى ما لا نهاية حيال تمادي رئيس الجمهورية في إقفال الباب أمام تعويم الحكومة الحالية، برفضه البحث بأي صيغة من شأنها أن تدفع باتجاه إخراجها من التأزم، وقال لـ"الشرق الأوسط"، إن ميقاتي يدرس حالياً حصر لقاءاته بعون في الأمور ذات الصلة المباشرة بتسيير أمور الدولة والالتفات إلى الهموم المعيشية للبنانيين.
ولفت المصدر السياسي إلى أن الاجتماع الأخير بين عون وميقاتي لم يتطرق سوى لدقائق لموضوع تشكيل الحكومة، وأن عون خصص الوقت المتبقي من اللقاء لانتقاد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، محملاً إياه مسؤولية ما أصاب عهده من كوارث، وقال إن الرئيس المكلف لم يكن مرتاحاً لإصرار عون على إقفال الباب أمام البحث بالملف الحكومي، وهذا ما يدفعه إلى تعليق مشاورات التأليف وعدم التوجه إلى القصر الجمهوري كرئيس مكلف، وإنما كرئيس لحكومة تصريف الأعمال للتشاور معه في تدبير الأمور الطارئة للبلد، وفي تلك ذات الصلة بمشكلات اللبنانيين.
وأوضح المصدر نفسه أن ميقاتي اتخذ هذا القرار في ضوء تقويمه للقاءات التي عقدت مع عون، والتي لم تؤد إلى إحداث خرق لإخراج تشكيل الحكومة من التأزم، وقال إن ميقاتي استغرب الموقف المفاجئ لعون بترحيل البحث في الملف الحكومي والاستعاضة عنه باستهداف بري بهجوم سياسي. وأكد أن ميقاتي ليس في وارد الموافقة على إصرار عون على استهداف بري، ما يؤدي إلى تعطيل تشكيل الحكومة.
وبكلام آخر، فإن ميقاتي لا يجاري عون بأن يتخذ من مشاورات التأليف متراساً للهجوم على هذا الطرف أو ذاك، لأن الأولوية، كما يقول المصدر نفسه، يجب أن تُعطى لتشكيل الحكومة بتعويم حكومة تصريف الأعمال.
ويضيف المصدر السياسي أن ميقاتي، وإن كان منذ الآن يتطلع إلى لقاء عون رئيساً لحكومة تصريف الأعمال، لا يريد أن يوصد الأبواب أمام معاودة اللقاءات للبحث في الملف الحكومي، في حال أن عون راجع مواقفه لاستئناف التواصل، خصوصاً أنه هو من أقفلها برفضه في اللقاء الأخير حصر النقاش بالملف الحكومي.
ويؤكد أن ميقاتي على استعداد لاستئناف مشاورات التأليف في حال أن عون بادر إلى إطلاق إشارات إيجابية يمكن التأسيس عليها للمضي في التواصل، ويقول إن الكرة الآن في مرمى عون.
ولدى سؤال المصدر السياسي حول صحة ما يتردد بأن ميقاتي قد لا يمانع صرف النظر عن مطالبته باستبدال وزيري الاقتصاد أمين سلام والمهجرين عصام شرف الدين، شرط أن تأتي في سياق الإفراج عن تعويم الحكومة الحالية، قال إن القرار يعود أولاً وأخيراً إلى الرئيس المكلف الذي يبدي كل استعداد للتضحية في سبيل تجاوز الخلافات حول تشكيلها.
ويضيف أن ميقاتي لن يفتعل أي مشكلة في حال تقرر الإبقاء على الوزيرين سلام وشرف الدين، لكن شرط أن يتعاطى عون مع خطوته هذه بانفتاح ومرونة. ويرى أنه يجهل الأسباب الكامنة وراء لجوء عون في اجتماعه الأخير بميقاتي إلى قلب الطاولة بإعادته المشاورات إلى نقطة الصفر، ويسأل لماذا أصر عون على أن يتخذ من اللقاء الأخير منصة للهجوم على بري؟ وهل يعتقد أنه الآن في الموقع الذي يتيح له الدخول في تصفية حسابات مع رئيس البرلمان، فيما يستعد لمغادرة القصر الجمهوري فور انتهاء ولايته الرئاسية.
ويؤكد أن رهان الفريق السياسي المحسوب على عون على قدرة الأخير على إقحام البلد في أزمة سياسية تسمح لوريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، باستثمارها سياسياً، ليس في محله، لأنه لا يتمتع بالقدرة السياسية التي تمكن باسيل من أن يعيد خلط الأوراق.
ويعتقد المصدر نفسه أن قرار ميقاتي بتعليق مواصلته لمشاورات التأليف مع عون لا يعني أن إمكانية تعويم حكومة تصريف الأعمال قد سُحبت نهائياً من التداول، وأن هناك فرصة لإعادة الاعتبار لها، وقبل مغادرة عون لـ«بعبدا»، وبتدخل دولي لقطع الطريق على جر البلد إلى اشتباك دستوري في حال استعصى على النواب انتخاب رئيس جديد برغم أن الدستور ينص على أن صلاحيات الرئيس تُناط بالوكالة إلى مجلس الوزراء مجتمعاً من دون أن يلحظ ما إذا كانت الحكومة مكتملة الأوصاف أو تتولى تصريف الأعمال.
لذلك يدعو المصدر نفسه إلى ترقب ما يمكن أن يقدم عليه باسيل كونه يملك زمام المبادرة بالنيابة عن الفريق السياسي المحسوب على عون، في سياق استخدامه لآخر ما لديه من أوراق التعطيل لتعويم نفسه سياسياً ليكون شريكاً في انتخاب الرئيس العتيد بعد أن تراجعت حظوظه في الترشح للرئاسة.