وفقا للدستور دخلت البلاد فعلا في فلك انتخاب رئيس جديد للجمهورية يخلف الرئيس الحالي ميشال عون.
ووفقا للواقعية السياسية، ما زالت البلاد بعيدة عن الاطار العملي لهذا الاستحقاق، إذ إن الأطراف الفاعلة فيه ما زالت تتخبط في دوامة من اللاقرار واللاوضوح.
وفي هذا الإطار يؤكد مرجع مطلع لـ "لبنان 24" أنه " على الرغم من اعتقاد البعض بأن الاستحقاق الدستوري الذي نعيشه يأخذ طابعا لبنانيا وحسب، إلا أن الممارسة المتبعة تؤكد أن لهذا الاستحقاق أكثر من مرجعية عربية وإقليمية ودولية قادرة على أن تلعب مجموعة من الأدوار الأساسية بنسب متفاوتة".
ويضيف "مع الاسف لا تعول الأحزاب والتيارات والشخصيات السياسية في لبنان على حركة داخلية لتمرير انتخاب الرئيس الجديد، قبل انتهاء المهلة الدستورية في أواخر تشرين الأول، بل أن معظمها ينتظر كلمة سر تأتي من بعض الجهات التي يتماهى أو يتفق معها".
وفي هذا الاطار، يحتسب لرئيس تيار المرده سليمان فرنجيه أنه الوحيد الذي قرر الا ينتظر الخارج ،على الرغم من أنه يعمل على التقاط بعض مؤشراته التي بدأت تصل تباعا.
ففرنجيه، ومن دون أي قرار خارجي واضح المعالم أو اتفاق داخلي ناضج وجاهز، اقدم على إعلان ترشيحه، مضيفا إلى الاستحقاق الرئاسي بعدا وطنيا وداخليا غالبا ما يغيب عنه".
وأشار المرجع إلى أن " لعبة المواصفات التي تغوص فيها الأطراف السياسية المختلفة، ما هي إلا محاولة لتمرير الوقت والهروب إلى الأمام، هربا من طرح معادلات أو أسماء لا تتلاءم من المناخين الإقليمي والدولي.
وفي هذا السياق يمكن التمييز بين حركة بكركي وما طرحه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي من مواصفات، وحركة القوى المشاركة في تفاصيل الحياة السياسية في لبنان.
فما قامت فيه بكركي هو استكمال منطقي لدورها الوطني في مختلف الحقبات السياسية ، على الرغم من أنه لا شيء يمنع أن تكون بكركي أكثر وضوحا، فتصارح اللبنانيين برؤيتها الفعلية للحقبة السياسية المقبلة ولشخص الرئيس الذي يقودها.
أما في ما يتعلق بالقوى السياسية وفي جولة سريعة على مواقفها، نجد أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، دخل في لعبة المواصفات محاولا فرملة توجهاته السياسية الرئاسية التي ظهرت في حوار لافت له مع حزب الله وذلك ما يدل بطريقة أو بأخرى على انتظار جنبلاط لكلمة سر من الخارج لا تملي عليه من ينتخب، إنما تجعل الصورة العامة أكثر وضوحا بالنسبة له.
وعلى غرار جنبلاط، تغوص قوى الرابع عشر من أذار مع بعض القوى المستقلة لعبة المواصفات عينها، فهذه القوى التي تدرك أنها لن تتمكن من إيصال رئيس من صفوفها، تحاول عدم الاقدام على حرق اي اسم لاسيما الاسماء القيادية فيها وتتجه نحو المطالبة برئيس يحمل مواصفات السيادة والحرية والايمان بالاستقلال، وهي بذلك تحاول عبر مجموعة مواصفاتها قطع الطريق على اي مرشح من صفوف "الثامن من أذار"بانتظار تبلور النظرة الخارجية نحو الاستحقاق اللبناني.
ويؤكد المرجع عينه أن " قوى التغيير" لم تنتظر كثيرا حتى يتحول الأداء السياسي الخاص بها إلى شبيه بأداء الطبقة السياسية التقليدية، فهي ومن خلال اجتماعها اليوم، ستصدر مذكرة تغييرية تتضمن مجموعة مواصفات للرئيس الذي تراه مناسبا، فتنضم إلى لعبة المناورة والهروب إلى الأمام التي تنتهجها مختلف الأحزاب والتيارات السياسية.
وفي ما يخص "قوى الثامن من أذار"، فهي بدورها وعلى الرغم من عدم دخولها لعبة المواصفات، تحاول فهم التوجهات الخارجية قبل إطلاق معركتها بشكل فعلي، وهنا نقطة ضعف قد تطيح بإمكانية وصول مرشح من صفوفها، وعملية الانتظار قد لا تكون من مصلحتها، فالجدير بها توحيد صفوفها واتخاذ القرار المناسب، والا قد يكون الرئيس الوسطي هو من سيسكن القصر الجمهوري في بعبدا على مدار ٦ سنوات مقبلة.